كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار المغيرة بن شعبة ونسبه

صفحة 329 - الجزء 16

  أن المغيرة بن شعبة جاء إلى علي بن أبي طالب #، فقال له: أكتب إلى معاوية فولَّه الشام، ومره بأخذ البيعة لك، فإنك إن لم تفعل وأردت عزله حاربك. فقال عليّ #: {ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً}. فانصرف المغيرة وتركه. فلما كان من غد جاءه، فقال: إني فكرت فيما أشرت به عليك أمس، فوجدته خطأ، ووجدت رأيك أصوب. فقال له علي: لم يخف عليّ ما أردت؛ قد نصحتني في الأولى، وغششتني في الآخرة، ولكني واللَّه لا آتي أمرا أجد فيه فسادا لديني، طلبا لصلاح دنياي. فانصرف المغيرة.

  يخدع مصقلة بن هبيرة الشيباني

  أخبرني الحسن بن علي قال: حدثني إبراهيم بن سعيد بن شاهين، قال: حدثني محمد بن يونس الشيرازي، قال: حدثني محمد بن غسان الضبيّ، قال: حدثني زاجر بن عبد اللَّه الثقفي، مولى الحجاج بن يوسف، قال:

  كان بين المغيرة بن شعبة وبين مصقلة بن هبيرة الشيبانيّ تنازع، فضرع له المغيرة، وتواضع في كلامه، حتى طمع فيه مصقلة. واستعلى عليه، فشتمه. فقدمه المغيرة إلى شريح، وهو القاضي يومئذ، فأقام عليه البينة، فضربه الحد. فآلى مصقلة ألا يقيم ببلدة فيها المغيرة بن شعبة ما دام حيا، وخرج إلى بني شيبان، فنزل فيهم إلى أن مات المغيرة. ثم دخل الكوفة، فتلقاه قومه، وسلموا عليه. فما فرغ من التسليم حتى سألهم عن مقابر ثقيف، فأرشدوه إليها. فجعل قوم من مواليه يلتقطون له الحجارة، فقال: ما هذا؟ قالوا: ظننا أنك تريد أن ترجم قبره. فقال: ألقوا ما في أيديكم. فألقوه، وانطلق حتى وقف على قبره، ثم قال: واللَّه لقد كنت ما علمت نافعا لصديقك، ضائرا⁣(⁣١) لعدوّك، وما مثلك إلا كما قال مهلهل في أخيه كليب:

  إن تحت الأحجار حزما وعزما ... وخصيما ألدّ ذا معلاق⁣(⁣٢)

  حية في الوجار أربد لا ين ... فع منه السليم نفث الراقي

  / وأخبرني بهذا الخبر محمد بن خلف بن المرزبان، عن أحمد بن القاسم، عن العمري، عن الهيثم بن عدي، عن مجالد، عن الشعبيّ:

  أن مصقلة قال له: واللَّه إني لأعرف شبهي في عروة ابنك. فأشهد عليه بذلك، وجلده الحدّ. وذكر باقي الخبر مثل الذي قبله.

  يحاول أن يخدع عمر بن الخطاب فلا ينخدع

  أخبرني محمد بن عبد اللَّه⁣(⁣٣) الرازيّ، قال: حدثنا أحمد بن الحارث، عن المدائني، عن مسلمة⁣(⁣٤) بن محارب، قال:


(١) ضائرا: كذا في ف، مب. وفي سائر النسخ: صابرا.

(٢) يقال: رجل معلاق، وذو معلاق: أي خصم، شديد الخصومة، يتعلق بالحجج ويستدركها. والمعلاق: اللسان البليغ. ورواه ابن دريد: ذا مغلاق؛ قال الزمخشري عن المبرد: من رواه بالعين المهملة فمعناه: إذا علق خصيا لم يتخلص منه؛ وبالغين المعجمة فتأويله: يغلق الحجة على الخصم. (انظر «تاج العروس» في علق).

(٣) ف، مب: عبيد اللَّه بن محمد الرازي.

(٤) كذا في ف، مب. وفي سائر الأصول: سلمة.