كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن بشير الخارجي ونسبه

صفحة 341 - الجزء 16

  خطب امرأة فطلبت إليه أن يطلق زوجته

  أخبرني عيسى بن الحسين، قال: حدّثنا الزبير، قال: حدّثنا سليمان بن عياش، قال:

  خطب محمد بن بشير امرأة من قومه، فقالت له: طلق امرأتك حتى أتزوّجك. فأبى وانصرف عنها، وقال في ذلك:

  أأطلب الحسن في أخرى وأتركها ... فذاك حين تركت الدين والحسبا

  هي الظعينة لا يرمى برمتها ... ولا يفجّعها ابن العم ما اصطحبا

  فما خلوت بها يوما فتعجبني ... إلا غدا أكثر اليومين لي عجبا

  يحتال على الأنصار ليحدث نساءهم

  حدّثني عيسى قال: حدّثنا الزبير، قال: بلغني عن صالح بن قدامة بن إبراهيم أن محمد بن حاطب الجمحي، يروي شيئا من أخبار الخارجيّ وأشعاره، فأرسلت إليه مولى من موالينا يقال له محمد بن يحيى، كان من الكتاب، وسألته أن يكتب لي ما عنده، فكان فيما كتب لنا، قال:

  زعم الخارجيّ، واسمه محمد بن بشير، وكنيته أبو سليمان، وهو رجل من عدوان، وكان يسكن الرّوحاء، قال:

  بينا نحن بالروحاء في عام جدب قليل الأمطار، ومعنا سليمان بن الحصين وابن أخته⁣(⁣١)، وإذا بقطار ضخم كثير الثّقل يهوي، قادم من المدينة، حتى نزلوا بجانب الروحاء الغربي، بيننا وبينهم الوادي، وإذا هم من الأنصار، وفيهم سعيد بن عبد الرّحمن بن حسان بن ثابت. فلبثنا أياما، ثم إذا بسليمان بن الحصين يقول لي: أرسل إليّ النساء يقلن: أمالكم في الحديث حاجة؟ فقلت لهن: فكيف برجالكن؟ قلن: بلغنا أن لكم صاحبا يعرف بالخارجيّ، / صاحب صيد، فإن أتاهم فحدثهم عن الصيد انطلقوا معه، وخلوتم فتحدّثتم. قال: فقلت لسليمان:

  بئس لعمر اللَّه ما أردت مني، أأذهب إلى القوم فأغرّهم، وآثم وأتعب وتنالون أنتم حاجتكم دوني؟ ما هذا لي برأي.

  قال لي سليمان: فأنظرني إذن، أرسل إلى النساء وأخبرهن بقولك. فأرسل إليهن فأخبرهن بما قلت. فقلن: قل له احتل لنا عليهم هذه المرة بما قلنا لك، وعلينا أن نحتال لك المرة الأخرى.

  قال الخارجيّ: فخرجت حتى أتيت القوم فحدثتهم، وذكرت لهم الصيد، فطارت إليه أنفسهم. فخرجت بهم، وأخذت لهم كلابا وشباكا، وتزودنا لثلاث. وانطلقت أحدثهم وألهيهم، فحدّثتهم بالصدق حتى نفد. ثم⁣(⁣٢) حدّثتهم بما يشبه الصدق حتى نفد⁣(⁣٢). / ثم صرحت لهم بمحض الكذب حتى مضت ثلاث، وجعلت لا أحدثهم حديثا إلا قالوا: صدقت. وغبت بهم ثلاثا ما أعلم أنا عاينّا صيدا، فقلت في ذلك:

  إني لأعجب مني كيف أفكههم ... أم كيف أخدع قوما ما بهم حمق⁣(⁣٣)!

  أظل في البيد ألهيهم وأخبرهم ... أخبار قوم وما كانوا وما خلقوا


(١) كذا في ف، وفي سائر الأصول: ابن أخيه.

(٢ - ٢) العبارة عن ف، مب.

(٣) أفكههم: كذا في ف، مب. وفي الأصول: أفككهم.