أخبار محمد بن بشير الخارجي ونسبه
  ولو صدقت لقلت القوم قد قدموا ... حين انطلقنا وآتي ساعة انطلقوا(١)
  أم كيف تحرم أيد لم تخن أحدا ... شيئا وتظفر أيديهم وقد سرقوا
  ونرتمي اليوم حتى لا يكون له ... شمس ويرمون حتى يبرق الأفق
  / يرمون أحور مخضوبا بغير دم ... دفعا وأنت وشاحا صيدك العلق
  تسعى بكلبين تبغيه وصيدهم ... صيد يرجّى قليلا ثم يعتنق
  ما زلت أحدوهم حتى جعلتهم ... في أصل محنية ما إن بها طرق(٢)
  ولو تركتهم فيها لمزقهم(٣) ... شيخا مزينة إن قالا انعقوا نعقوا
  إن كنتم أبدا جاري صديقكم ... والدهر مختلف ألوانه طرق
  فمتعوني فإني لا أرى أحدا ... إلا له أجل في الموت مستبق
  مات سليمان بن الحصين فرثاه
  قال سليمان بن عياش: ومات سليمان بن الحصين هذا، وكان خليلا للخارجيّ، مصافيا له، وصديقا مخلصا، فجزع عليه، وحزن حزنا شديدا، فقال يرثيه:
  يا أيها المتمني أن يكون فتى ... مثل ابن ليلى لقد خلَّى لك السبلا
  إن ترحل العيس كي تسعى مساعيه ... يشفق عليك وتعمل دون ما عملا
  لو سرت في الناس أقصاهم وأقربهم ... في شقة الأرض حتى تحسر الإبلا
  تبغي فتى فوق ظهر الأرض ما وجدوا ... مثل الذي غيبوا في بطنها رجلا
  أعدد ثلاث خصال قد عرفن له ... هل سب من أحد أو سبّ أو بخلا
  قال سليمان بن عياش: لما مات عبد العزيز بن مروان، ونعي إلى أخيه عبد الملك، تمثل بأبيات الخارجيّ هذه، وجعل يرددها ويبكي.
  شعر حسن في امرأة كريمة
  أخبرني عيسى، قال: حدّثنا الزبير، قال: حدّثني عمي عن أبيه؛ قال: قال الرشيد يوما لجلسائه:
  / أنشدوني شعرا حسنا في امرأة خفرة كريمة، فأنشدوا فأكثروا وأنا ساكت، فقال لي: إيه يا بن مصعب، أما أنك لو شئت لكفيتنا سائر اليوم؛ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، لقد أحسن محمد بن بشير الخارجي حيث يقول:
  بيضاء خالصة البياض كأنها ... قمر توسط جنح ليل مبرد
  موسومة بالحسن ذات حواسد ... إن الحسان مظنة للحسد
(٢) بها طرق بالتحريك: كذا في ف، مب. وفي سائر الأصول: لها طرق، والطرق: مناقع الماء. يريد أن ماءها جار غير مستنقع.
(٣) لمزقهم: كذا في ف، مب. وفي بقية الأصول: لمربهم.