كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن بشير الخارجي ونسبه

صفحة 356 - الجزء 16

  وآب ذوو⁣(⁣١) الألباب منا كأنما ... يرون شمالا فارقتها يمينها

  سقى اللَّه سقيا رحمة ترب حفرة ... مقيم على زيد ثراها وطينها

  قال: فما رؤي يوم كان أكثر باكيا من يومئذ⁣(⁣٢).

  قوله في بنت عم له تزوّجها واستخفت به

  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدّثنا أحمد بن الهيثم بن فراس قال: حدّثني العمري عن لقيط، قال:

  كان محمد بن بشير الخارجيّ من أهل المدينة، وكانت له بنت عم سريّة جميلة، قد خطبها غير واحد من سروات قريش، فلم ترضه. فقال لأبيه: زوّجنيها. فقال له: كيف أزوّجكها وقد ردّ عمك عنها أشراف قريش.

  فذهب إلى عمه فخطبها إليه، فوعده بذلك، وقرّب منه. فمضى محمد إلى أبيه فأخبره: فقال له: ما أراه يفعل. ثم عاوده، فزوّجه إيّاها. فغضبت الجارية، وقالت له: خطبني إليك أشراف قريش فرددتهم، وزوّجتني هذا الغلام الفقير؟ فقال لها: هو ابن عمك، وأولى الناس بك. فلما بنى لها جعلت تستخف به وتستخدمه، وتبعثه في غنمها مرة، وإلى نخلها أخرى. فلما رأى ذلك من فعلها قال شعرا، ثم خلا في بيت يترنم به ويسمعها. وهو:

  تثاقلت أن كنت ابن عمّ نكحته ... فملت وقد يشفى ذوو الرأي بالعذل

  / فإنك إلَّا تتركي بعض ما أرى ... تنازعك أخرى كالقرينة في الحبل

  تلزّك⁣(⁣٣) ما اسطاعت إذا كان قسمها ... كقسمك حقّا في التّلاد وفي البعل

  متى تحمليها منك يوما لحالة ... فتتبعها تحملك منها على مثل⁣(⁣٤)

  قال: فصلحت، ولم ير منها بعد ما سمعت شيئا يكرهه.

  صوت

  علام هجرت ولم تهجري ... ومثلك في الهجر لم يعذر

  قطعت حبالك من شادن ... أغنّ قطوف الخطا أحور⁣(⁣٥)

  الشعر لسديف مولى بني هاشم: والغناء لأبي العبيس⁣(⁣٦) بن حمدون. خفيف ثقيل بالسبابة والوسطى.


(١) ف، مب: أولو.

(٢) جاءت هذه العبارة بصور مختلفة في الأصول، فرتبناها على هذه الصورة، لأنها أوضح.

(٣) تلزك: تلتصق بك وتضايقك.

(٤) ف، مب: يوما.

(٥) ف، مب: أغر.

(٦) كذا في «معجم الأدباء» لياقوت. وفي ف: لأبي العباس. وفي سائر النسخ: لأبي العنبس، والصواب ما أثبتناه.