أخبار الفضل بن العباس اللهبي ونسبه
  رجل فكتب رقعة يذكر فيها قصة الحمار، وعلقها في عنقه(١)، وجاء بها إلى القاضي، فأضحك منه الناس.
  كان الفضل بخيلا
  حدّثنا اليزيديّ، قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ، قال: حدّثني أبو الشكر مولى بن هاشم، كوفيّ ظريف، قال:
  كان الفضل بن العباس بخيلا، فقدم عليّ بن عبد اللَّه بن العباس حاجا، فأتاه في منزله مسلما عليه، فقال له:
  كيف أنت، وكيف حالك؟ قال: نحن في عافية. قال: فهل من حاجة؟ قال: لا واللَّه، وإني لأشتهي هذا العنب، وقد أغلاه علينا هؤلاء العلوج. فغمز غلاما له، فذهب فأتاه بسلة عظيمة من عنب، فجعل يغسل له عنقودا عنقودا ويناوله، فكلما فعل ذلك قال: برّتك رحم.
  كان يسأل علف حماره
  أخبرني الحسن بن علي قال: حدّثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدّثنا الزبير بن بكار عن عمه، قال:
  كان الفضل بن العباس بخيلا، وكان ثقيل البدن، إذا أراد يمضي في جاجة استعار مركوبا، فطال ذلك عليه وعلى أهل المدينة من فعله، فقال له بعض / بني هاشم: أنا أشتري لك حمارا تركبه، وتستغني عن العاريّة. ففعل، وبعث به إليه، فكان يستعير له سرجا إذا أراد أن يركبه، فتواصى الناس بألا يعيره أحد سرجا. فلما طال عليه ذلك، اشترى سرجا بخمسة دراهم، وقال:
  ولما رأيت المال مألف أهله ... وصان ذوي الأخطار(٢) أن يتبذلوا
  رجعت إلى مالي فأعتبت بعضه ... فأعتبني إني كذلك أفعل(٣)
  ثم قال للذي اشترى له الحمار: إني لا أطيق علفه، فإما أن تبعث إليّ علفه وإلا رددته. فكان يبعث إليه بعلف كل ليلة وشعير، ولا يدع هو أيضا أن يطلب من كل أحد يأنس به علفا لحماره، فيبعث به إليه، فيعلفه التبن دون الشعير، حتى هزل وعطب. فرفع الحزين الكنانيّ إلى ابن حزم أو عبد العزيز بن عبد المطلب رقعة، وكتب في رأسها قصة حمار / الفضل اللهبي، وذكر فيها أنه يركبه ويأخذ علفه وقضيمه من الناس، ويعلفه التبن، ويبيع الشعير، ويأخذ ثمنه، ويسأل أن ينصف منه. فضحك لما قرأ الرقعة، وقال: لئن كنت مازحا إني لأراك صادقا. وأمر بتحويل حمار اللهبي إلى إصطبله، ليعلفه ويقضمه، فإذا أراد ركوبه دفع إليه.
  أخبرني وكيع قال: حدّثني محمد(٤) بن سعد الشاميّ، عن ابن عائشة، قال:
(١) أي علقها الرجل في عنق نفسه.
(٢) كذا في ف، وفي الأصول: الإحسان. ولعله: الأحساب، بالياء.
(٣) كذا روي البيت في ف. ومعنى الإعتاب هنا طلب العتبي، وهي الرضا، يريد أنه طلب من ماله أن يرضيه فأرضاه. وفي مب: فعاتبت بعضه. وفي الأصول: فكاتبت بعضه ... فأنجبني. تحريف.
(٤) كذا في مب. وفي بقية الأصول: سليمان.