كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الفضل بن العباس اللهبي ونسبه

صفحة 386 - الجزء 16

  كان الفضل اللهبي بغير سرج، فاستعار سرجا، فمطله الرجل، حتى خاف أن تفوته حاجته، فاشترى سرجا ومضى لحاجته، وأنشأ يقول:

  ولما رأيت المال مألف أهله

  وذكر البيتين ولم يزد عليهما شيئا.

  بيتان له في مدح بني هاشم

  أخبرني أحمد بن عبيد الَّه بن عمار قال: حدّثني علي بن محمد النوفليّ قال:

  كان أبي عند إسحاق بن عيسى بن عليّ وهو والي البصرة، عنده وجوه أهل البصرة، وقد كانت فيهم بقية حسنة في ذلك الدهر، فأفاضوا في ذكر نبي هاشم، وما أعطاهم اللَّه من الفضل بنبيه ، فمن منشد شعرا، ومتحدث وذاكر فضيلة من فضائل بني هاشم. فقال أبي: قد جمع هذا الكلام الفضل بن العباس اللَّهبي في بيت قاله، ثم أنشد قوله:

  ما بات قوم كرام يدّعون يدا ... إلا لقومي عليهم منّة ويد

  نحن السّنام الذي طالت شظيته ... فما يخالطه الأدواء والعمد

  فمن صلَّى صلاتنا، وذبح ذبيحتنا، عرف أن لرسول اللَّه يدا عليه، بما هداه اللَّه ø إلى الإسلام به، ونحن قومه، فتلك منة لنا على الناس.

  وفي هذين البيتين غناء لابن محرز، هزج بالبنصر في رواية عمرو ب بانة. وقوله «وطالت شظيته»، الشظية:

  الشّظى⁣(⁣١)، قال دريد بن الصمة.

  سليم الشّظى عبل الشّوى شنج النسا ... أمين القوى نهد طويل المقلَّد

  والعمد: داء يصيب البعير من مؤخر سنامه إلى عجزه، فلا يلبثه أو يقتله⁣(⁣٢)

  قدم على عبد الملك ومدحه

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار، وأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قالا: حدّثنا عمر بن شبة قال: حدّثنا محمد بن يحيى عن عبد العزيز بن عمران، قالا: أخبرني أحمد بن هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص، قال:

  / قدم الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، على عبد الملك بن مروان، فأنشده وعنده ابن لعبيد اللَّه بن زياد، فقال الزياديّ، واللَّه ما أسمع شعرا، فلما كان العشيّ راح إليه الفضل، فوقف بين يديه، ثم قال: يا أمير المؤمنين:

  أتيتك حالا وابن عم وعمة ... ولم أك شعبا لا طه بك مشعب⁣(⁣٣)


(١) في «اللسان»: الشظية: كل فلقة من شيء، القطعة المرتقعة في رأس الجبل، جمعها: شظايا. وهذا المعنى هو المناسب لبيت الفضل. أما الشظى فعظيم دقيق إذا زال عن موضعه شظى الفرس، أي تألم له. وهذا المعنى مناسب لشعر دريد بن الصمة. ويبدو أن أبا الفرج خلط بين المعنيين.

(٢) العمد: مصدر عمد البعير (بكسر الميم) أي ورم سنامه عن عض القتب والحلس (انظر «اللسان»).

(٣) لا طه: ألصقه، وفي الشعر تعريض بزياد بن أبيه وقصة استلحاقه.