أخبار الفضل بن العباس اللهبي ونسبه
  / خليدة المكية، فصعدوا غرفة، فلما غنّت إذا حفز(١) ونفس، فإذا هو هشام قد طلع وهو ينشد:
  يا قدميّ ألحقاني بالقوم ... لا تعداني كسلا بعد اليوم
  فلما رآهم، قال: أحسبه قد جلس معهم. وقال لخليدة: غني. فغنت. فقال لها: اكتبي في صدرك {قُلْ هُوَ أللهُ أَحَدٌ} والمعوّذتين لا تصيبك العين.
  كان ابن جامع يطرب لغنائها
  أخبرني علي بن عبد العزيز الكاتب، عن ابن خرداذبه قال: حدّثني إسحاق بن إبراهيم الموصليّ، عن الفضل بن الربيع قال:
  ما رأيت ابن جامع يضرب لغناء كما يطرب لغناء خليدة المكية، وكانت سوداء، وفيها يقول الشاعر:
  فتنت كاتب الأمير رياحا(٢) ... يا لقوم خليدة المكية
  أرسل إليها محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان يخطبها
  أخبرني إسماعيل بن يونس قال: حدّثنا عمر بن شبة، ونسخت هذا الخبر بعينه من كتاب جعفر بن قدامة بخطه، قال: حدّثني عمر بن شبة قال:
  بلغني أن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان بن عفان أرسل إلى خليدة المكية أبا عون مولاه يخطبها عليه.
  فاستأذن فأذنت له وعليها ثياب رقاق لا تسترها، ثم وثبت، فقالت: إنما ظننتك بعض سفهائك، ولكني ألبس لك ثياب مثلك، ثم أخرج إليك. ففعلت. وقالت: قل. قال: أرسلني إليك مولاي، وهو من تعلمين بين رسول اللَّه ﷺ وبين عليّ وعثمان، وهو ابن عم أمير المؤمنين، يخطبك. وقالت: قد نسبته فأبلغت، فاسمع نسبي أنا، بأبي أنت.
  / إن أبي بيع على غير عقد الإسلام ولا عهده، فعاش عبدا، ومات وفي رجله قيد، وفي عنقه سلسلة، وعلى الإباق والسرقة؛ وولدتني أمي على غير رشدة، وماتت وهي آبقة، فأنا من تعلم. فإن أراد صاحبك نكاحا مباحا، أو زنا صراحا، فهلم إليه، فنحن له. فقال: إنه لا يدخل في الحرام. قالت: ولا ينبغي أن يستحي من الحلال. فأما نكاح السّر فلا. واللَّه لا فعلته، ولا كنت عارا على القيان. قال: فأتيت محمدا فأخبرته، فقال: ويلك! أتزوجّها معلنا وعندي بنت طلحة بن عبيد اللَّه! لا. ولكن ارجع إليها، فقال لها تختلف إليّ أردد بصري فيها، لعلي أسلو. فرجعت فأبلغتها الرسالة، فضحكت، وقالت: أما هذا فنعم. لسنا نمنعه منه.
  صوت
  ربّ ليل ناعم أحييته ... في عفاف عند قبّاء الحشى
  / ونهار قد لهونا بالتي ... لا ترى شبها لها فيمن مشى
  لطلوع الشمس حتى آذنت ... بغروب عند إبان العشا(٣)
(١) الخفر: الدفع، وتتابع النفس في الصدر. وفي الأصول: صفر.
(٢) كذا في ف، وفي الأصول: رباحا.
(٣) رواية الشطر الثاني في الأصول: «لغروب أنت تهوى من تشا».