كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الفضل بن العباس اللهبي ونسبه

صفحة 392 - الجزء 16

  من رامها حاشى النبيّ وأهله ... بالفخر غطمطه الخليج المزبد⁣(⁣١)

  دع ذا ورح لغناء خود بضّة ... مما نطقت به وغنّى معبد

  مع فتية تندى بطون أكفهم ... جودا إذا هرّ⁣(⁣٢) الزمان الأنكد

  يتناولون سلافة عانية ... طابت⁣(⁣٣) لشاربها وطاب المقعد

  فو اللَّه يا أمير المؤمنين، لقد أجابني بجواب كان أشد علي من الشعر. قال لي: يا أخا بني مخزوم، أريك السّها وتريني القمر - قال أبو عبد اللَّه اليزيديّ⁣(⁣٤): أدلَّك على الأمر الغامض، وأنت لم تبلغ أن ترى الأمر الواضح. وهذا مثل - أتخرج من المفاخرة إلى شرب الراح، وهي الخمر المحرمة؟ فقلت له: أما علمت أصلحك اللَّه / أن اللَّه ø يقول في الشعراء: {وأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ}⁣(⁣٥). فقال: صدقت، وقد استثنى اللَّه قوما منهم، فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}⁣(⁣٦)، فإن كنت منهم فقد دخلت تحت الاستثناء، وقد استحققت العقوبة بدعائك إليها؛ وإن لم تكن منهم فالشرك باللَّه عليك أعظم من شرب الخمر. فقلت: أصلحك اللَّه، لا أجد للمستخذي شيئا أصلح من السكوت. فضحك وقال: أستغفر اللَّه. وقام عني.

  قال: فضحك عبد الملك حتى استلقى، وقال يا بن أبي ربيعة، أما علمت أن لبني عبد مناف ألسنة لا تطاق، ارفع حوائجك. قال: فرفعتها فقضاها، وأحسن جائزتي وصرفني⁣(⁣٧).

  واللفظ في هذا الخبر لمحمد / بن العباس⁣(⁣٨).

  ذكر خبر من لم يمض له خبر ولا يأتي ممن ذكرت صنعته في هذا الخبر

  خليدة المكية

  منهم خليدة المكية، وهي مولاة لابن شمّاس، كانت هي وعقيلة وربيحة يعرفن بالشماسيات، وقد أخذن الغناء عن ابن سريج ومعبد ومالك.

  فأخبرني الحرميّ بن أبي العلاء والطَّوسيّ قالا: حدّثنا الزبير بن بكار، عن عمه قال:

  كانت لهشام بن عروة جفنة يصيب منها هو وبنوه ناحية⁣(⁣٩)، وكان محمد بن هشام يصنع الطعام الرقيق، فيشير إليهم، فيمسكون عن الأكل، فيفطن هشام، فيقول: لقد حدث شيء، ثم يقول محمد، فيتسلَّل القوم إليه، وجاءت


(١) بالفخر: كذا في ف، مب و «بدائع البدائة». وفي الأصول: في الأرض وغطمطه: اضطربت به أمواجه.

(٢) هر: ساء خلقه واشتد. وفي «بدائع البدائة»: غلج الحرون الأنكد. ويقال غلج الفرس: خلط في سيره واضطرب.

(٣) هر: ساء خلقه واشتد. وفي «بدائع البدائة»: غلج الحرون الأنكد. ويقال غلج الفرس: خلط في سيره واضطرب.

(٣) «بدائع البدائة»: لذت.

(٤) هو محمد بن العباس اليزيدي النحوي (ت ٣١٠ هـ). ومن لفظه نقل أبو الفرج هذا الخبر؛ كما سيأتي في آخره. وفي الأصول:

الزبيري. تحريف. والتصويب عن «بدائع البدائة»، لعلي بن ظافر.

(٥) سورة الشعراء آية: ٢٢٦.

(٦) سورة العصر آية: ٣، وسورة التين آية: ٦ وسورة الانشقاق آية: ٢٥.

(٧) قال علي بن ظافر في «بدائع البدائة» ص ١٧ تعليقا على هذه القصة: «وأحسب الحكاية مصنوعة، لأن أشعارها ضعيفة».

(٨) هو أبو عبد اللَّه اليزيدي (انظر ترجمته في هامش ص ١٨٩).

(٩) في ف. وفي الأصول: وبنو ناجية. تحريف.