ذكر الخبر في مقتل ابني عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب
  دعوة علي بن أبي طالب على بسر
  قالوا: ولما بلغ عليّ بن أبي طالب # قتل بسر الصبيين، جزع لذلك جزعا شديدا، ودعا على بسر لعنه اللَّه، فقال: اللهم اسلبه دينه، ولا تخرجه من الدنيا حتى تسلبه عقله! فأصابه ذلك، وفقد عقله، فكان يهذي بالسيف ويطلبه، فيؤتى بسيف من خشب، ويجعل بين يديه زقّ منفوخ، فلا يزال يضربه حتى يسأم(١)، ثم مات لعنه اللَّه.
  عبيد اللَّه بن العباس وبسر
  ولما كانت الجماعة واستقر الأمر على معاوية، دخل عليه عبيد اللَّه بن العباس وعنده بسر بن أرطاة، فقال له عبيد اللَّه: أأنت قاتل الصبيين أيها الشيخ؟ قال بسر: نعم أنا قاتلهما. فقال عبيد اللَّه: أما واللَّه لوددت أن الأرض كانت أنبتتني عندك. فقال بسر: فقد أنبتتك الآن عندي. فقال عبيد اللَّه: ألا سيف! فقال له بسر: هاك سيفي. فلما أهوى عبيد اللَّه إلى السيف ليتناوله، أخذه معاوية، ثم قال لبسر: أخزاك اللَّه شيخا قد كبرت وذهب عقلك، تعمد إلى رجل من بني هاشم قد وترته وقتلت ابنيه، تدفع إليه سيفك، إنك لغافل عن قلوب بني هاشم، واللَّه لو تمكن منه لبدأ بي قبلك. فقال عبيد اللَّه: أجل، واللَّه، ثم إذن لثنّيت(٢) به.
  يمني ينتقم من ابني بسر
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار قال: أخبرني محمد بن مسروق قال: قال الأصمعيّ:
  سمع رجل من / أهل اليمن وقد قدم مكة امرأة عبيد اللَّه بن العباس بن عبد المطلب تندب ابنيها اللذين قتلهما بسر بن أرطاة بقولها:
  يا من أحس بنيّي اللذين هما ... كالدرتين تشظَّى عنهما الصّدف
  / فرقّ لها، فاتصل ببسر حتى وثق به، ثم احتال لقتل ابنيه، فخرج بهما إلى وادي أوطاس، فقتلهما وهرب، وقال:
  يا بسر بسر بني أرطاة ما طلعت ... شمس النهار ولا غابت على ناس
  خير من الهاشميّين الذين هم ... عين الهدى وسمام الأشوس(٣) القاسي
  ماذا أردت إلى طفلي مدلَّهة ... تبكي وتندب من أثكلت في الناس
  إما قتلتهما ظلما فقد شرقت ... في صاحبيك قناتي يوم أوطاس
  فاشرب بكأسهما ثكلا كما شربت ... أم الصبيّين أو ذاق ابن عباس(٤)
(١) ف: يضربه ما يشاء. مب: يضربه ما شاء حتى مات.
(٢) كذا في ف، مب. وفي الأصول: وكنت أثني به.
(٣) الأشوس: الشديد الجريء في القتال.
(٤) ف: في دار ابن عباس.