كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أم حكيم وأخبارها

صفحة 451 - الجزء 16

  زواجها من يحيى بن الحكم

  قال مصعب: فتزوج زينب أبان بن مروان بن الحكم، فولدت له عبد العزيز بن أبان، ثم مات عنها، فخطبها يحيى بن الحكم وعبد الملك بن مروان، فمالوا إلى عبد الملك، فأرسل يحيى إلى المغيرة بن عبد الرّحمن: كم الذي تأمل من عبد الملك؟ واللَّه لا يزيدها على ألف دينار، ولا يزيدك على خمس مئة دينار، ولها عندي خمسون ألف دينار، ولك عندي عشرة آلاف دينار⁣(⁣١) إن زوجتنيها، فزوجه إياها على ذلك. فغضب عليه عبد الملك. وقال:

  دخل عليّ في خطبتي. واللَّه لا يخطب على منبر ما دمت⁣(⁣٢) حيا، ولا رأى مني ما يحب، فأسقطه. فقال يحيى: لا أبالي، كعكتان وزينب.

  قال ابن أبي سعد: وأخبرت عن محمد بن إسحاق المسيّبي قال: حدثني عبد الملك بن إبراهيم الطلحيّ:

  أنها لما خطبت قالت: لا أتزوج واللَّه أبدا إلا من يغني أخي المغيرة. فأرسل إليها يحيى بن الحكم: أيغنيه خمسون ألف دينار؟ قالت: نعم. قال: فهي له، ولك مثلها. فقالت: ما بعد هذا شيء. أرسل إلى أهلك شيئا من طيب، وشيئا من كسوة.

  / قال: ويقال إن عبد الملك لما تزوجها يحيى قال: لقد تزوجت أفوه غليظ الشفتين. فقالت زينب: هو خير من أبي الذّبان فما، فما له يعيبه بفمه؟ وقال يحيى: قولوا له أقبح من فمي ما كرهت من فمك.

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني أبو غسّان، عن عبد العزيز بن أبي ثابت، عن عمه محمد بن عبد العزيز:

  أن عبد الملك خطب زينب إلى المغيرة أخيها، وكتب إليه أن يلحق به، وكان بفلسطين أو بالأردنّ، فعرض له يحيى بن الحكم، فقال له: أين تريد؟ قال: أريد أمير المؤمنين. قال: وما تصنع به؟ فو اللَّه لا يزيدك على ألف دينار يكرمك بها، وأربع مئة دينار لزينب، ولك عندي ثلاثون ألف دينار، سوى صداق زينب. فقال المغيرة: أو تنقل إليّ المال قبل عقد النكاح؟ قال: نعم، فنقل إليه المال. فتجهز المغيرة، وسيّر ثقله، ثم دخل على يحيى فزوجه، وخرج إلى المدينة، فجعل عبد الملك ينتظر المغيرة، فلما أبطأ عليه قيل له: يا أمير المؤمنين، إنه زوج يحيى بن الحكم زينب بنت عبد الرّحمن، بثلاثين ألف دينار، وأعطاها إياها، ورجع إلى منزله. فغضب على يحيى، وخلعه عن ماله، وعزله عن عمله، فجعل يحيى يقول:

  ألا لا أبالي اليوم ما فعل الدهر ... إذا بقيت لي كعكتان وزينب

  زواج أم حكيم من عبد العزيز بن الوليد

  قال: وكانت زينب تسمى الموصلة، من حسن جسدها، وكانت أم حكيم تحت عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك، تزوجها في حياة جده عبد الملك، ولما عقد النكاح بينهما، عقد في مجلس عبد الملك، وأمر بإدخال الشعراء ليهنئوهم بالعقد، ويقولوا في ذلك أشعارا كثيرة يرويها الناس، فاختير منهم جرير وعديّ بن الرقاع، فدخلا، وبدأ عديّ لموضعه منهم، فقال:


(١) ف: درهم.

(٢) ف: ما دام.