ذكر أم حكيم وأخبارها
  /
  قمر السماء وشمسها اجتمعا ... بالسّعد ما غابا وما طلعا
  ما وارت الأستار مثلهما ... من ذا رأى هذا ومن سمعا؟
  دام السرور له بها ولها ... وتهنّيا طول الحياة معا
  / وقال جرير:
  جمع الأمير إليه أكرم حرة ... في كل ما حال من الأحوال
  حكميّة علت الروابي كلَّها ... بمفاخر الأعمام والأخوال
  وإذا النساء تفاخرت ببعولة ... فخرتهم بالسّيّد المفضال
  عبد العزيز ومن يكلف نفسه ... أخلاقه يلبث بأكسف بال
  هنأتكم بمودّة ونصيحة ... وصدقت في نفسي لكم ومقالي
  فلتهنك النّعم التي خوّلتها ... يا خير مأمول وأفضل وال
  فأمر له عبد الملك بعشرة آلاف درهم، ولعديّ بن الرقاع بمثلها، وقضى لأهله ومواليه يومئذ مئة حاجة، وأمر لجميع من حضر من الحرس والكتاب بعشرة دنانير عشرة دنانير. فلم تزل أم حكيم عند عبد العزيز مدة، ثم تزوج ميمونة بنت عبد الرّحمن بن أبي بكر، فملكته وأحبها، وذهبت بقلبه كل مذهب، فلم ترض منه إلا بطلاق أمّ حكيم، فطلقها، فتزوجها هشام بن عبد الملك، ثم مات عبد العزيز، فتزوج هشام ميمونة أيضا، وكان شديد المحبة لأم حكيم، فطلق لها ميمونة، اقتصاصا لها منها فيما فعلته بها في اجتماعهما عند عبد العزيز، وقال لها: هل أرضينك منها؟ فقالت: نعم. فولدت أم حكيم من هشام ابنه يزيد بن هشام، وكان من رجالات بني أمية، وكان أحد من يطعن على الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ويغري الناس به.
  كأس أم حكيم
  وكانت أم حكيم منهومة بالشراب، مدمنة عليه، لا تكاد تفارقه. وكأسها الذي كانت تشرب فيه مشهور عند الناس إلى اليوم، وهو في خزائن الخلفاء حتى الآن، وفيه(١) يقول الوليد بن يزيد:
  صوت
  علَّلاني بعاتقات الكروم ... واسقياني بكأس أمّ حكيم
  إنها تشرب المدامة صرفا ... في إناء من الزجاج عظيم
  جنّبوني أذاة كل لئيم ... إنه ما علمت شرّ نديم
  ثم إن كان في النّدامى كريم ... فأذيقوه مس بعض النعيم
  ليت حظي من النساء سليمى ... إن سلماي جنّتي ونعيمي
(١) نصت «كتب اللغة» على أن الكأس مؤنثة. وقد جرى المؤلف في عبارته على تذكيرها. ولعله أراد معنى القدح أو الإناء.