كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

الخبر في هذه القصة، وسبب منافرة عامر وعلقمة وخبر الأعشى وغيره معهما فيها

صفحة 459 - الجزء 16

  هرم بن قطبة يحكم بينهما

  وقال بشر بن عبد اللَّه بن حبّان بن سلمى: إنهما ساقا الإبل معهما، حتى أشتت وأربعت، لا يأتيان أحدا إلا هاب أن يقضي بينهما؛ فقال هرم: لعمري لأحكمن بينكما، ثم لأفصلن، ثم لست أثق بواحد منكما، فأعطياني موثقا أطمئن إليه أن ترضيا بما أقول، وتسلَّما لما قضيت بينكما، وأمرهما / بالانصراف، ووعدهما ذلك اليوم من قابل. فانصرفا حتى إذا بلغ الأجل من قابل، خرجا إليه، فخرج علقمة ببني الأحوص، فلم يتخلف منهم أحد، معهم القباب والجزر والقدور، ينحرون في كل منزل ويطعمون، وجمع عامر بني مالك، فقال: إنما تخاطرون عن أحسابكم، فأجابوه وساروا معه، ولم ينهض أبو براء معهم، وقال لعامر: واللَّه لا تطلع ثنية إلا وجدت الأحوص منيخا بها، وكره أبو براء ما كان من أمرهما، فقال عامر⁣(⁣١) فيما كره من منافرتهما، ودعاء عامر إياه أن يسير معه:

  أأومر أن أسبّ أبا شريح ... ولا واللَّه أفعل ما حييت

  / ولا أهدي إلى هرم لقاحا ... فيحيي بعد ذلك أو يميت

  أكلَّف سعي لقمان بن عاد ... فيآل أبي شريح ما لقيت

  قال: وأبو شريح: هو الأحوص. فكره كل واحد من البطنين ما كان بينهما. وقال عبد عمرو بن شريح بن الأحوص:

  لحى اللَّه وفدينا وما ارتحلا به ... من السّوءة⁣(⁣٢) الباقي عليهم وبالها

  ألا إنما بردى صفاق⁣(⁣٣) متينة ... أبى الضيم أعلاها وأثبت حالها

  قال: فسار عامر وبنو عامر على الخيل مجنبي الإبل، وعليهم السلاح، فقال رجل من غنيّ: يا عامر، ما صنعت؟ أخرجت بني مالك تنافر بني الأحوص ومعهم القباب والجزر، وليس معك شيء تطعمه الناس! ما أسوأ ما صنعت! فقال عامر لرجلين من بني عمه: أحصيا كل شيء مع علقمة من قبة أو قدر أو لقحة. ففعلا. فقال عامر: يا بني مالك، إنها المقارعة عن أحسابكم، فاشخصوا بمثل / ما شخصوا به، ففعلوا.

  الشعراء مع المتنافرين

  وثار مع عامر لبيد بن ربيعة والأعشى، ومع علقمة الحطيئة وفتيان من بني الأحوص، منهم السّندريّ بن يزيد بن شريح، ومروان بن سراقة بن قتادة بن عمرو بن الأحوص، وهم يرتجزون، فقال لبيد:

  يا هرما وأنت أهل عدل ... إن نفّر⁣(⁣٤) الأحوص يوما قبلي

  ليذهبن أهله بأهلي ... لا تجمعنّ شكلهم وشكلي ... ونسل آبائهم ونسلي


(١) المراد به عامرا بن مالك أبو براء، وهو عم عامر بن الطفيل.

(٢) ف: النبوة.

(٣) ف

ألا إنما تردى صفاه متينا

(٤) ف: يفز.