أخبار أبي حية النميري ونسبه
  قال: وكان أبو حية النميريّ مجنونا يصرع، وقد أدرك هشام بن عبد الملك.
  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن أخي الأصمعيّ قال: سمعت عمي يقول:
  أبو حية في الشعراء كالرجل الرّبعة، لا يعدّ طويلا ولا قصيرا.
  قال: وسمعت أبا عمرو يقول: هو أشعر في عظم الشعر من الراعي.
  أخبرني الحسن بن عليّ وعليّ بن سليمان الأخفش، قالا: حدّثنا محمد بن يزيد المبرد قال: حدثني عبد الصمد بن المعذّل. وأخبرنا إبراهيم بن محمد بن أيوب قال: حدّثنا عبد اللَّه بن مسلم، قالوا:
  كان من أكذب الناس
  كان أبو حية النميريّ من أكذب الناس، فحدث يوما أنه يخرج إلى الصحراء، فيدعو الغربان فتقع حوله، فيأخذ منها ما شاء. فقيل له: يا أبا حية، أرأيت إن أخرجناك إلى الصحراء / فدعوتها فلم تأتك، فما نصنع بك؟ قال:
  أبعدها اللَّه إذن! قال: وحدثنا يوما قال: عن لي ظبي يوما فرميته، فراغ عن سهمي، فعارضه السهم، ثم راغ، فعارضه السهم، فما زال واللَّه يروغ ويعارضه حتى صرعه ببعض الجبّانات.
  قال: وقال يوما: رميت واللَّه ظبية، فلما نفذ سهمي عن القوس، ذكرت بالظبية حبيبة لي، فعدوت خلف السهم، حتى قبضت على قذذه قبل أن يدركها.
  يمدح المنصور ويهجو بني حسن
  وذكر يحيى بن عليّ عن الحسن بن عليل العنزيّ قال: قال الرياشيّ، عن الأصمعيّ قال:
  وفد أبو حية النميريّ على المنصور وقد امتدحه، وهجا بني حسن بقصيدته التي أولها:
  عوجا نحيّ ديار الحيّ بالسند ... وهل بتلك الديار اليوم من أحد
  يقول فيها:
  أحين شيم فلم يترك لهم ترة ... سيف تقلَّده الرئبال ذو اللَّبد
  سللتموه عليكم يا بني حسن ... ما إن لكم من فلاح آخر الأبد
  قد أصبحت لبني العباس صافية ... لجدع آناف أهل البغي والحسد
  وأصبحت كلهاة الليث في فمه ... ومن يحاول شيئا في فم الأسد؟
  نزوله عند خماره بالحيرة
  فوصله أبو جعفر بشيء دون ما كان يؤمل؛ فاحتجن لعياله أكثره، وصار إلى الحيرة، فشرب عند خمّاره بها، فأعجبه الشرب، فكره إنفاد ما معه، وأحب أن / يدوم له ما كان فيه، فسأل الخمارة أن تبيعه بنسيئة، وأعلمها أنه مدح الخليفة وجماعة من القواد، ففعلت وشرهت إلى فضل النسيئة، وكان لأبي حية أير كعنق الظليم، فأبرز لها عنه، فتدلَّهت، وكانت كلما سقته خطَّت في الحائط، فأنشأ أبو حية يقول: