أخبار أحمد بن يحيى المكي
  صوت
  لعن اللَّه من يلوم محبّا ... ولحى اللَّه من يحبّ فيأبى
  ربّ إلفين أضمرا الحبّ دهرا ... فعفا اللَّه عنهما حين تابا
  الغناء ليحيى المكي رمل.
  قال محمد، قال أبي:
  وكان المعتصم قد خلع علينا في ذلك اليوم مماطر لها شأن من ألوان شتى، فسألني عبد الوهاب بن عليّ أن أرد عليه هذا الصوت، وجعل لي ممطره، فغنيته إياه، فلما خرجنا للانصراف إلى منازلنا، أمر غلمانه بدفع الممطر إلى غلماني، فسلموه إليهم.
  ثناء إسحاق الموصلي عليه
  أخبرني عبد اللَّه بن الربيع، عن أبيه، قال: حدثني محمد بن عبد اللَّه بن مالك قال:
  سألني إسحاق بن إبراهيم الموصلي يوما: من بقي من المغنين؟ قلت: وجه القرعة محمد بن عيسى، مولى عيسى بن جعفر. فقال: صالح كيّس. ومن أيضا؟ قلت: أحمد بن يحيى المكي. قال بخ بخ! ذاك المحسن المجمل الضارب المغنّي القائم بمجلسه، لا يحوج أهل المجلس إلى غيره. ومن بأبي أنت؟ قلت: ابن مقامرة. قال: لا واللَّه ما سمعت بهذا قطَّ. فمن مقامره هذه؟ زامرة أم نائحة أم مغنية؟ قلت: لا. ولكنها من الناس، وليست من أهل صناعنه. قال: ومن أيضا / بأبي أنت؟ قلت: يحيى بن القاسم ابن أخي سلمة. قال: الذي كان له أخ يغني مرتجلا؟
  قلت: نعم. قال: لم يحسن ذاك ولا أبوه شيئا قطَّ، ولا أشك أن هذا كذلك، لأنهما مؤدّباه.
  غناؤه في مدح خالد بن يزيد بن مزيد
  وذكر ابن المكي عن أبيه قال:
  قال المعتصم يوما لجلسائه ونحن عنده: خلعت اليوم على فتى شريف ظريف نظيف، حسن الوجه، شجاع القلب، ووليته المصيصة ونواحيها. فقلنا: من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: خالد بن يزيد بن مزيد. فقال علَّويه: يا أحمد غنّ أمير المؤمنين صوتك في مدح خالد، فأمسكت عنه. فقال المعتصم: مالك لا تجيبه؟ فقلت: يا أمير لمؤمنين، ليس هو مما يغنّى بحضرة الخليفة. فقال: ما من أن تغنيه بدّ. قال: فغنيته صنعة لي في هذا الشعر:
  صوت
  علَّم النّاس خالد بن يزيد ... كلّ حلم وكل بأس وجود
  فترى الناس هيبة حين يبدو ... من قيام وركَّع وسجود
  / فقال المعتصم: يا سمانة(١)، خذ أحمد بإلقاء هذا الصوت على الجواري في غد، وأمر لي بعشرة آلاف درهم.
(١) كذا في ف. وفي بعض الأصول: ثمامة.