كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

من غزل جرير

صفحة 482 - الجزء 16

  غيّضن من عبراتهن وقلن لي: ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا؟

  فقال: مهلا مهلا. قلت: لا واللَّه إلا بذاك الذي فيه تمر عجوة من صدقة عمر. فقال: هو لك. فخرجت عليهم به، وأنا أخطر. فقالوا: مه. فقلت: أطربت الشيخ حتى أعطاني هذا، وقال مرة / أخرى: حتى فرض⁣(⁣١) لي هذا⁣(⁣٢). قال:

  وواللَّه ما فعل، وإنما كان فدية لأصمت، وأخذت منهم الجعل.

  بين علوية المغني وإسحاق الموصلي

  أخبرني يحيى بن علي بن يحيى المنجم، قال: حدّثت عن حماد بن إسحاق قال: حدّثني علَّويه الأعسر قال:

  أتيت أباك في داره هذه يوما وقد بنى إيوانها وسائرها خراب، فجلسنا على تلّ من تراب، فغناني لحنه في:

  غيّضن من عبراتهن وقلن لي: ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا!

  فسألته أن يعيده عليّ، ففعل. وأتانا رسول أبيه بطبق رطب، فقال للرسول: قل له: سأرسل إليك برطب أطيب من الرطب الذي بعثت به إليّ، فأبلغه الرسول / ذلك، فقال له: ومن عنده؟ فأخبره أنني عنده. فقال: ما أخلقه أن يكون قد أتانا بآبدة⁣(⁣٣)، ثم أتانا رسوله بعد ساعة فقال: ما آن لرطبكم أن يأتينا؟ فأرسلني إليه وقد أخذت الصوت، فغنيته إياه، فقال: أجاد واللَّه. أألام على هذا وحبه، واللَّه لو لم يكن بيني وبينه قرابة لأحببته، فكيف وهو ابني؟

  صوت

  صوت لنائلة بنت الفرافصة

  ألست ترى يا ضبّ باللَّه أنني ... مصاحبة نحو المدينة أركبا⁣(⁣٤)

  إذا قطعوا حزنا نخبّ ركابهم ... كما حرّكت ريح يراعا مثقّبا

  عروضه من الطويل. والشعر لنائلة بنت الفرافصة. والغناء لابن عائشة، ولحنه من الثقيل الأول بالوسطى. ووجدت في كتاب بخط عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن طاهر أنه مما نحله يحيى المكي لابن عائشة.


(١) فرض له: أعطاه عطية لا يريد بها الثواب.

(٢) ف: «حتى فرض لي، يعني نقطني». وكلمة «نقطني» لم ينقط من حروفها في الأصل غير القاف.

(٣) الآبدة: الأمر الفائق الغريب.

(٤) أركب: جمع ركب، من جموع القلة.