أخبار نائلة بنت الفرافصة ونسبها
  لقاء عثمان إياه
  فلما قدمت على عثمان ¥، قعد على سريره، ووضع لها سريرا حياله؛ فجلست عليه، فوضع عثمان قلنسيته، فبدا الصلع، فقال: يابنة الفرافصة، لا يهولنك ما ترين من صلعي، فإن وراءه ما تحبين. فسكتت.
  فقال: إما أن تقومي إليّ، وإمّا أن أقوم إليك. فقالت: أما ما ذكرت من الصلع، فإني من نساء أحب بعولتهن إليهن السادة الصّلع. وأما قولك: إما أن تقومي إليّ، وإما أن أقوم إليك، فو اللَّه ما تجشمت من جنبات السماوة أبعد مما بيني وبينك، بل أقوم إليك. فقامت، فجلست إلى جنبه، فمسح رأسها، ودعا لها بالبركة، ثم قال لها: اطرحي عنك رداءك، فطرحته، ثم قال لها: اطرحي خمارك، فطرحته، ثم قال لها: انزعي درعك، فنزعته؛ ثم قال: حلَّي إزارك. فقالت: ذاك إليك. فحلّ إزارها، فكانت من أحظى نسائه عنده.
  هجوم الناس على عثمان
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: حدّثنا علي بن محمد بن عيسى بن يزيد، عن عبد الواحد بن عمير، عن أبي الجرّاح مولى أم حبيبة، قال:
  / كنت مع عثمان ¥ في الدار، فما شعرت وقد خرج محمد بن أبي بكر، ونحن نقول: هم في الصلح، إذ أنا بالناس قد دخلوا من الخوخة(١)، ونزلوا بأمراس الحبال من سور الدار، معهم السيوف، فرميت بسيفي(٢)، وجلست عليه، وسمعت صياحهم، فكأني أنظر إلى مصحف في يد عثمان، وإلى حمرة أديمه، فنشرت نائلة بنت الفرافصة شعرها، فقال لها عثمان: خذي خمارك، فلعمري لدخولهم عليّ أعظم من حرمة شعرك.
  وأهوى رجل إليه ¥ بالسيف، فاتقته نائلة بيدها، فقطع إصبعين من أصابعها، ثم قتلوه، وخرجوا يكبّرون، ومر بي محمد بن أبي بكر، فقال: مالك يا عبد أم حبيبة؟ ومضى فخرجت.
  شعر لنائلة عند مقتل عثمان
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: حدّثنا عبد اللَّه بن حكيم الطائيّ، عن خالد بن سعيد، عن أبيه قال:
  لما قتل عثمان رحمة اللَّه عليه، قالت نائلة بنت الفرافصة:
  ألا إن خير الناس بعد ثلاثة(٣) ... قتيل التّجيبيّ الذي جاء من مصر
  ومالي لا أبكي وتبكي قرابتي ... وقد غيّبت عنا فضول أبي عمرو
  هكذا في هذه الرواية. وقد قيل إن هذين البيتين للوليد بن عقبة.
  كتاب نائلة إلى معاوية تصف مقتل عثمان
  أخبرني أحمد قال: حدّثني عمر قال: حدّثنا علي بن محمد، عن أبي مخنف، عن نمير بن وعلة، عن الشعبيّ مسلمة بن محارب، عن حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية:
(١) الخوخة في لغة أهل الحجاز: مخترق ما بين كل دارين لم ينصب عليها باب. وهي أشبه بالممر يسلك بين الدارين.
(٢) بسيفي: كذا في ف. وفي الأصول: بنفسي.
(٣) ثلاثة: تريد رسول اللَّه ﷺ وأبا بكر وعمر ®.