أخبار محمد بن صالح العلوي ونسبه
  جشّمني ذلك وجدي بها ... وفضلها بين النساء الوسام
  ممكورة الساق ردينيّة ... مع الشّوى الخدل وحسن القوام
  صامتة الحجل خفوق الحشا ... مائرة الساق ثقال القيام
  ساجية الطَّرف نئوم الضّحى ... منيرة الوجه كبرق الغمام
  زينها اللَّه وما شانها ... وأعطيت منيتها من تمام
  تلك التي لولا غرامي بها ... كنت بسامرّا قليل المقام
  هكذا روى ابن مهرويه عن ابن المدبّر، في خبر محمد بن صالح وتزويجه حمدونة.
  قصته مع حمدونة زوجته
  وحدّثني عمي عن أبي جعفر بن الدّهقانة النديم قال: حدثني إبراهيم بن المدبّر قال:
  جاءني يوما محمد بت صالح الحسني العلويّ بعد أن أطلق من الحبس، فقال لي: إني أريد المقام عندك اليوم على خلوة، لأبثك من أمري شيئا لا يصلح أن يسمعه غيرنا. فقلت: أفعل. فصرفت من كان بحضرتي، وخلوت معه، وأمرت برد دابّته، وأخذ ثيابه؛ فلما اطمأن وأكلنا واضطجعنا، قال لي: أعلمك أني خرجت في سنة كذا وكذا ومعي أصحابي على القافلة الفلانية، فقاتلنا من كان فيها، فهزمناهم وملكنا القافلة، فبينا أنا أحوزها وأنيخ الجمال، إذ طلعت عليّ امرأة / من العماريّة(١)، ما رأيت قط أحسن منها وجها، ولا أحلى منطقا، فقالت: يا فتى، إن رأيت أن تدعو لي بالشريف المتولَّي أمر هذا الجيش، فقلت: وقد رأيته وسمع كلامك. فقالت: سألتك بحق اللَّه وحق رسوله ﷺ أنت هو؟ فقلت: نعم وحق اللَّه وحق رسوله إني لهو. فقالت: أنا حمدونة بنت عيسى بن موسى بن أبي خالد الحرّي، ولأبي محلّ من سلطانه، ولنا نعمة، إن كنت ممن سمع بها فقد كفاك ما سمعت، وإن كنت لم تسمع بها فسل عنها غيري، وو اللَّه لا استأثرت عنك بشيء أملكه، ولك بذلك عهد اللَّه وميثاقه عليّ، وما أسألك إلا أن تصونني وتسترني، وهذه ألف دينار معي لنفقتي، فخذها حلالا، وهذا حلي عليّ من خمس مئة دينار، فخذه وضمّنّي ما شئت بعده، آخذه لك من تجار المدينة أو مكة أو أهل الموسم، فليس منهم أحد يمنعني شيئا أطلبه، وادفع عني، واحمني من أصحابك، ومن عار يلحقني. فوقع قولها من قلبي موقعا عظيما؛ فقلت لها: قد وهب اللَّه لك مالك وجاهك وحالك، ووهب لك القافلة بجميع ما فيها. ثم خرجت فناديت في أصحابي، فاجتمعوا، فناديت فيهم(٢): إني قد أجرت هذه القافلة وأهلها، وخفرتها وحميتها، ولها ذمة اللَّه وذمة رسوله وذمتي، فمن أخذ منها خيطا أو عقالا فقد آذنته بحرب. فانصرفوا معي، وانصرفت.
  فلما أخذت وحبست، بينا أنا ذات يوم في محبسي إذ جاءني السّجّان وقال لي: إن بالباب امرأتين تزعمان أنهما من أهلك، وقد حظر عليّ أن يدخل عليك أحد، إلا أنهما أعطتاني دملج ذهب، وجعلتاه لي إن أو صلتهما إليك، وقد أذنت لهما، وهما في الدهليز، فأخرج إليهما إن شئت. ففكرت فيمن يجيئني في هذا / البلد / وأنا به
(١) العمارية: لعله يريد المظلة، نسبة إلى العمارة، وهي رقعة مزينة تخاط في المظلة علامة على الرياسة أو الوجاهة (انظر «تاج العروس»).
(٢) أ، م: فأعلمتهم.