أخبار محمد بن صالح العلوي ونسبه
  لعمرك إنني لما افترقنا ... أخو ضنّ بخلصاني سعيد
  تبقّته المدام وأزعجتني ... إلى رحلي بتعجيل الورود
  سعيد بن حميد يرثيه
  قال: وتوفى محمد بن صالح بسرّ من رأى، وكان يجهد في أن يؤذن له في الرجوع إلى الحجاز، فلا يجاب إلى ذلك، فقال سعيد يرثيه:
  بأيّ يد أسطو على الدهر بعد ما ... أبان يدي عضب الذّنابين قاضب
  وهاض جناحي حادث جلّ خطبه ... وسدّت عن الصبر الجميل المذاهب
  ومن عادة الأيام أنّ صروفها ... إذ سرّ منها جانب ساء جانب
  لعمري لقد غال التجلد أننا ... فقد ناك فقد الغيث والعام جادب
  فما أعرف الأيام إلا ذميمة ... ولا الدهر إلا وهو بالثأر طالب
  ولا لي من الإخوان إلا مكاشر ... فوجه له راض ووجه مغاضب
  فقدت فتى قد كان للأرض زينة ... كما زيّنت وجه السماء الكواكب
  لعمري لئن كان الردى بك فاتني ... وكلّ أمرئ يوما إلى اللَّه ذاهب
  لقد أخذت مني النوائب حكمها ... فما تركت حقا عليّ النوائب
  ولا تركتني أرهب الدهر بعده ... لقد كلّ عني نابه والمخالب
  سقى جدثا أمسى الكريم ابن صالح ... يحلّ به، دان(١) من المزن ساكب
  / إذا بشّر الرّواد بالغيث برقه ... مرته الصّبا واستحلبته الجنائب
  فغادر باقي الدهر تأثير صوبه ... ربيعا زهت منه الرّبا والمذانب
  إطلاقه من الحبس
  أخبرني أحمد بن جعفر جحظة قال: حدّثني المبرّد قال:
  لم يزل محمد بن صالح محبوسا حتى توصل بنان له، بأن غنّى بين يدي المتوكل في شعره:
  وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألق موهنا لمعانه
  فاستحسن المتوكل الشعر واللحن، وسأل عن قائله، فأخبر به، وكلَّم في أمره، وأحسنت الجماعة رفده، وقام الفتح بأمره قياما تاما. فأمر بإطلاقه من حبسه، على أن يكون عند الفتح وفي يده، حتى يقيم كفيلا بنفسه ألَّا يبرح من سرّ من رأى، فأطلق، وأخذ عليه الفتح الأيمان الموّثقة ألا يبرح من سرّ من رأى إلا بإذنه، ثم أطلقه.
  مدحه المتوكل والمنتصر
  ولمحمد بن صالح في المتوكل والمنتصر مدائح جياد كثيرة، منها قوله في المتوكل:
(١) أ، م: وان. يريد الثقيل من السحاب الذي لا يسرع في سيره.