ذكر أخبار أبي دواد الإيادي ونسبه
  تزوج أبو دواد امرأة من قومه، فولدت له دوادا ثم ماتت، ثم تزوج أخرى، فأولعت بدواد، وأمرت أباه أن يجفوه ويبعده، وكان يحبها، فلما أكثرت عليه قالت: أخرجه عني، فخرج به وقد أردفه خلفه، إلى أن انتهى إلى أرض جرداء ليس فيها شيء، فألقى سوطه متعمدا، وقال: أي دواد، انزل فناولني سوطي. فنزل، فدفع بعيره وناداه:
  أدواد إن الأمر أصبح ما ترى ... فانظر دواد لأي أرض تعمد؟
  فقال له دواد: على رسلك. فوقف له فناداه:
  وبأي ظنك أن أقيم ببلدة ... جرداء ليس بغيرها متلدّد(١)
  فرجع إليه وقال له: أنت واللَّه ابني حقا، ثم رده إلى منزله، وطلق امرأته.
  لوم زوجته إياه لسماحه بالمال
  أخبرني الحسين بن يحيى، عن حماد، عن أبيه، عن أبي عمرو الشيبانيّ قال:
  كانت لأبي دواد امرأة يقال لها أم حبتر، وفيها يقول:
  في ثلاثين ذعذعتها(٢) حقوق ... أصبحت أم حبتر تشكوني
  زعمت لي بأنني أفسد الما ... ل وأزويه(٣) عن قضاء ديوني
  أمّلت أن أكون عبد المالي ... وتهنّا بنافع المال دوني
  / وهي طويلة: قال: ولها يقول وقد عاتبته على سماحته بماله فلم يعتبها(٤)، فصرمته:
  حاولت حين صرمتني ... والمرء يعجز لا محاله
  والدهر يلعب بالفتى ... والدهر أروغ من ثعاله(٥)
  والمرء يكسب ماله ... والشّحّ يورثه الكلالة
  والعبد يقرع بالعصا ... والحرّ تكفيه المقالة(٦)
  والسّكت خير للفتى ... فالحين من بعض المقالة
  وصاف الخيل من الشعراء
  أخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى قال: حدثني أبي عن إسحاق، عن الأصمعيّ قال:
  ثلاثة كانوا يصفون الخيل، لا يقاربهم أحد: طفيل، وأبو دواد، والجعديّ. فأما أبو دواد فإنه كان على خيل
(١) تلدد في المكان: تلبث.
(٢) بددتها وفرقتها.
(٣) أنحيه.
(٤) لم يرضها.
(٥) ثعالة: الثعلب.
(٦) هامش أعن نسخة أخرى: المخالة، وهي الظن.