كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أخبار أبي دواد الإيادي ونسبه

صفحة 519 - الجزء 16

  تزوج أبو دواد امرأة من قومه، فولدت له دوادا ثم ماتت، ثم تزوج أخرى، فأولعت بدواد، وأمرت أباه أن يجفوه ويبعده، وكان يحبها، فلما أكثرت عليه قالت: أخرجه عني، فخرج به وقد أردفه خلفه، إلى أن انتهى إلى أرض جرداء ليس فيها شيء، فألقى سوطه متعمدا، وقال: أي دواد، انزل فناولني سوطي. فنزل، فدفع بعيره وناداه:

  أدواد إن الأمر أصبح ما ترى ... فانظر دواد لأي أرض تعمد؟

  فقال له دواد: على رسلك. فوقف له فناداه:

  وبأي ظنك أن أقيم ببلدة ... جرداء ليس بغيرها متلدّد⁣(⁣١)

  فرجع إليه وقال له: أنت واللَّه ابني حقا، ثم رده إلى منزله، وطلق امرأته.

  لوم زوجته إياه لسماحه بالمال

  أخبرني الحسين بن يحيى، عن حماد، عن أبيه، عن أبي عمرو الشيبانيّ قال:

  كانت لأبي دواد امرأة يقال لها أم حبتر، وفيها يقول:

  في ثلاثين ذعذعتها⁣(⁣٢) حقوق ... أصبحت أم حبتر تشكوني

  زعمت لي بأنني أفسد الما ... ل وأزويه⁣(⁣٣) عن قضاء ديوني

  أمّلت أن أكون عبد المالي ... وتهنّا بنافع المال دوني

  / وهي طويلة: قال: ولها يقول وقد عاتبته على سماحته بماله فلم يعتبها⁣(⁣٤)، فصرمته:

  حاولت حين صرمتني ... والمرء يعجز لا محاله

  والدهر يلعب بالفتى ... والدهر أروغ من ثعاله⁣(⁣٥)

  والمرء يكسب ماله ... والشّحّ يورثه الكلالة

  والعبد يقرع بالعصا ... والحرّ تكفيه المقالة⁣(⁣٦)

  والسّكت خير للفتى ... فالحين من بعض المقالة

  وصاف الخيل من الشعراء

  أخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى قال: حدثني أبي عن إسحاق، عن الأصمعيّ قال:

  ثلاثة كانوا يصفون الخيل، لا يقاربهم أحد: طفيل، وأبو دواد، والجعديّ. فأما أبو دواد فإنه كان على خيل


(١) تلدد في المكان: تلبث.

(٢) بددتها وفرقتها.

(٣) أنحيه.

(٤) لم يرضها.

(٥) ثعالة: الثعلب.

(٦) هامش أعن نسخة أخرى: المخالة، وهي الظن.