كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أخبار أبي دواد الإيادي ونسبه

صفحة 520 - الجزء 16

  المنذر بن النعمان بن المنذر⁣(⁣١). وأما طفيل فإنه كان يركبها وهو أغرل⁣(⁣٢) إلى أن كبر. وأما الجعديّ فإنه سمع ذكرها من أشعار الشعراء⁣(⁣٣)، فأخذ عنهم.

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثني أبو حاتم، عن أبي عبيدة قال:

  دواد أوصف الناس للفرس في الجاهلية والإسلام، وبعده طفيل الغنويّ والنابغة الجعديّ.

  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخراز، عن ابن الأعرابيّ قال:

  لم يصف أحد قطَّ الخيل إلا احتاج إلى أبي دواد، ولا وصف الخمر إلا احتاج إلى أوس بن حجر، ولا وصف أحد نعامة إلا احتاج إلى علقمة / بن عبدة، ولا اعتذر أحد في شعره إلا احتاج إلى النابغة الذبياني.

  رأي علي وأبي الأسود في أشعر الناس

  أخبرني عمي قال: حدّثني جعفر بن محمد العاصميّ قال: حدّثنا عيينة بن المنهال قال: حدّثنا شدّاد بن عبيد اللَّه قال: حدّثني عبيد اللَّه بن الحرّ العنزيّ القاضي، عن أبي عرادة قال:

  كان عليّ ~ يفطر الناس في شهر رمضان، فإذا فرغ من العشاء تكلم، فأقلّ وأوجز، فأبلغ.

  فاختصم الناس ليلة حتى ارتفعت أصواتهم في أشعر الناس، فقال عليّ # لأبي الأسود الدّؤلي: قل يا أبا الأسود. فقال أبو الأسود، وكان يتعصب لأبي دواد الإياديّ: أشعرهم الذي يقول:

  ولقد أغتدي يدافع ركني ... أحوذيّ ذو ميعة إضريج⁣(⁣٤)

  مخلط مزيل مكرّ مفرّ ... منفح مطرح سبوح خروج⁣(⁣٥)

  سلهب شرجب كأنّ رماحا ... حملته وفي السّراة دموج⁣(⁣٦)

  وكان لأبي الأسود رأي في أبي دواد، فأقبل عليّ على الناس، فقال: كل شعرائكم محسن، ولو جمعهم زمان واحد، وغاية واحدة، ومذهب واحد في القول، لعلمنا أيّهم أسبق إلى ذلك، وكلهم قد أصاب الذي أراد، وأحسن فيه، وإن يكن / أحد فضلهم، فالذي لم يقل رغبة ولا رهبة امرؤ القيس بن حجر، فإنه كان أصحهم بادرة، وأجودهم نادرة.


(١) في هامش أ: ليس من المناذرة من نسبه هكذا. فلعله محرف عن المنذر بن ماء السماء، وسيصرح بذلك قريبا.

(٢) الأغرل: الصبي الذي لم يختن.

(٣) أ، م: فإنه سمع من الشعراء.

(٤) الأحوذي ها هنا: من قولهم: حاذ الإبل يحوذها إذا ساقها؛ ويريد به السرعة، وفي وصف الرجال: الألمعي. والميعة: النشاط والسرعة. والإضريج: السريع.

(٥) يقال: رجل مخلط مزيل: كيس لطيف، أو هو الجدل في الخصومات، يزول من حجة إلى حجة، كذا في «اللسان» و «التاج» و «النهاية» لابن الأثير، ولم يصفوا الخيل بذلك، ولكن يمكن أن يفهم منه أن أباد دواد يصف الحصان بأنه يحسن الجري، ويأتي منه بفن بعد فن، أو يحسن مباراة الخيل في السير، وينتقل فيه من حال إلى حال أحسن منها. والمنفح: الذي ينفح بقوائمه في العدو، أي يرمي بحدّ حوافره ويدفع. والمطرح: السريع. والخروج: الذي يسبق الخيل، فيخرج من بينها.

(٦) السلهب والشرجب: الطويل. وفي هامش أ: يقال: فرس سلهبة، ولم أسمع بالمؤنث من الشرجب. والسراة: الظهر. والدموج:

الإحكام والملاسة.