كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أخبار أبي دواد الإيادي ونسبه

صفحة 523 - الجزء 16

  كمقاعد الرّقباء للضّرباء أيديهم تألَّق / ثم قال: أنفذ يا دواد. فقال:

  وبدت له أذن توجس حرّة وأحمّ مرهف

  وقوائم عوج لها ... من خلفها زمع ملفّف

  كمقاعد الرّقباء للضّرباء أيديهم تلقّف ثم قال: أنفذي يا دوادة. قالت: وما أقول مع من أخطأ. قالوا: ومن أين أخطأناه؟ قالت: جعلتم له / قرنا واحدا، وله قرنان. قالوا: فقولي. قالت:

  وبدت له أذن توجّس حرّة وأحمّتان

  وقوائم عوج لها ... من خلفها زمع ثمان

  كمقاعد الرّقباء للضّرباء أيديهم دوان

  نزاعه مع البهراني وقتل أولاده

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرني عمي عن العباس بن هشام، عن أبيه قال:

  كان أبو دواد الإياديّ الشاعر جارا للمنذر بن ماء السماء. وإن أبا دواد نازع رجلا بالحيرة من بهراء، يقال له رقبة بن عامر بن كعب بن عمرو، فقال له رقبة: صالحني وحالفني. فقال أبو دواد: فمن أين تعيش إياد إذا، فو اللَّه لولا ما تصيب من بهراء لهلكت، وانصرفا على تلك الحال.

  ثم إن أبا دواد أخرج بنين له ثلاثة في تجارة إلى الشام، فبلغ ذلك رقبة البهراني، فبعث إلى قومه فأخبرهم بما قاله له أبو دواد عند المنذر، وأخبرهم أن القوم ولد أبي دواد، فخرجوا إلى الشام، فلقوهم فقتلوهم. وبعثوا برؤوسهم إلى رقبة، فلما أتته الرؤوس صنع طعاما كثيرا، ثم أتى المنذر، فقال له: قد اصطنعت لك طعاما / كثيرا، فأنا أحب أن تتغدّى عندي، فأتاه المنذر وأبو دواد معه، فبينا الجفان ترفع وتوضع، إذ جاءته جفنة عليها بعض⁣(⁣١) رؤوس بني أبي دواد، فوثب وقال: أبيت اللعن! إني جارك، وقد ترى ما صنع بي، وكان رقبة أيضا جارا للمنذر.

  فوقع المنذر منهما في سوءة، وأمر برقبة فحبس، وقال لأبي دواد: أما يرضيك توجيهي بكتيبتيّ الشهباء والدّوسر إليهم؟ قال: بلى. قال: قد فعلت. فوجه إليهم بالكتيبتين.

  فلما بلغ ذلك رقبة قال لامرأته: ويحك! الحقي بقومك فأنذريهم. فعمدت إلى بعض إبل زوجها فركبته، ثم خرجت حتى أتت قومها، فلما قربت منهم تعرت من ثيابها، وصاحت وقالت: أنا النذير العريان. فأرسلتها مثلا.

  فعرف القوم ما تريد، فصعدوا إلى أعالي الشأم، وأقبلت الكتيبتان فلم تصيبا منهم أحدا، فقال المنذر لأبي دواد: قد


(١) كذا في أ، م. وفي بقية الأصول: أحد.