ذكر أخبار أبي دواد الإيادي ونسبه
  شكونا إليه خراب السواد ... فحرّم فينا لحوم البقر
  فكنا كمن قال من قبلنا ... أريها استها وتريني القمر
  رأي الحطيئة في أشعر الشعراء
  أخبرني عمي عن الكراني، عن العمريّ، عن الهيثم بن عديّ بنحوه.
  وأخبرني عمي قال: حدّثنا محمد بن سعد الكراني قال: حدّثني العمريّ عن لقيط قال: أخبرني التّوزي عن أبي عبيدة قال:
  كان الحطيئة عند سعيد بن العاص ليلة، فتذاكروا الشعراء، وفضوا بعضهم على بعض وهو ساكت، فقال له:
  يا أبا مليكة ما تقول؟ فقال: ما ذكرتم واللَّه أشعر الشعراء، ولا أنشدتم أجود الشعر. فقالوا: فمن أشعر الناس؟ فقال الذي يقول:
  /
  لا أعدّ الإقتار عدما ولكن ... فقد من قد رزئته الإعدام
  والشعر لأبي دواد الإياديّ. قالوا: ثم من؟ قال: ثم عبيد بن الأبرص. قالوا: ثم من؟ قال: كفاكم واللَّه بي إذا أخذتني رغبة أو رهبة، ثم عويت في إثر القوافي عواء الفصيل في إثر أمّه.
  أسرة أبي دواد تصف الثور
  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن أخي الأصمعيّ، قال: حدّثني عمي، وأخبرنا أبو حاتم قال: أخبرنا الأصمعيّ، عن أبي عمرو بن العلاء، عن هجّاس بن مرير الإيادي، عن أبيه، وكان قد أدرك الجاهلية، قال:
  بينا أبو دواد وزوجته وابنه وابنته على ربوة، وإياد إذ ذاك بالسواد، إذ خرج ثور من أجمة، فقال أبو دواد:
  وبدت له أذن توجّس حرّة وأحمّ وارد(١)
  وقوائم عوج لها ... من خلفها زمع زوائد(٢)
  كمقاعد الرّقباء للضّرباء أيديهم نواهد(٣) ثم قال: أنفذي(٤) يا أمّ دواد، فقالت:
  وبدت له أذن توجّس حرّة وأحمّ مولق
  وقوائم عوج لها ... من خلفها زمع معلَّق
(١) توجس: تسمع إلى الصوت الخفي، وحرة: صادقة السمع مرهفة. والأحم: القرن الأسود والوارد: الطويل.
(٢) الزمع: الشعر الذي في مؤخرة رجلي الشاة أو الظبي، واحدته زمعة.
(٣) الرقباء: الذين يمسكون عيونهم وينظرون سمات القداح. والضرباء الذين يضربون القداح.
(٤) يريد بالإنفاذ هنا: محاكاة شعره مع تغيير الكلمة الأخيرة منه تمرينا على القول، والتمرس بالقوافي.