كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي الشيص ونسبه

صفحة 543 - الجزء 16

  يوم لعمري تهمّ الناس أنفسهم ... وليس ينفع فيه رقية الراقي

  وصفه

  حدثني محمد⁣(⁣١) بن العباس اليزيديّ قال: حدثنا أبو العباس بن الفرات قال:

  كنت أسير مع عبيد اللَّه بن سليمان، فاستقبله جعفر بن حفص على دابّة هزيل، وخلفه غلام له، وشيخ على بغل له هرم، وما فيهم إلا نضو، فأقبل عليّ عبيد اللَّه بن سليمان فقال: كأنهم واللَّه صفة أبي الشيص حيث يقول:

  أكل الوجيف⁣(⁣٢) لحومها ولحومهم ... فأتوك أنقاضا على أنقاض

  مقتله

  وقال عبد اللَّه بن المعتز: حدثني أبو مالك عبد اللَّه قال: قال لي عبد اللَّه بن الأعمش:

  كان أبو الشّيص عند عقبة بن جعفر بن الأشعث الخزاعيّ يشرب، فلما ثمل نام عنده، ثم انتبه في بعض الليل، فذهب يدبّ إلى خادم له، فوجأه بسكين، فقال له: ويحك! قتلتني واللَّه! وما أحب واللَّه أن أفتضح أني قتلت في مثل هذا، ولا تفضح أنت بي، ولكن خذ دستيجة⁣(⁣٣) فاكسرها ولوثها بدمي، واجعل زجاجها في الجرح، فإذا سئلت عن خبري، فقل: إني سقطت في سكري على الدستيجة فانكسرت، فقتلتني، ومات من ساعته. ففعل الخادم ما أمره به، ودفن أبو الشيص، وجزع عقبة عليه جزعا شديدا. فلما كان بعد أيام سكر الخادم، فصدق عقبة عن خبره، وأنه هو قتله، فلم يلبثه أن قام إليه بسيفه، فلم يزل يضربه حتى قتله.

  صوت

  مدح الكميت مخلد بن يزيد بن المهلب وفيه غناء

  هلَّا سألت معالم الأطلال ... والرسم بعد تقادم الأحوال

  دمنا تهيج رسومها بعد البلى ... طربا وكيف سؤال أعجم بال

  / يمشين مشي قطا البطاح تأوّدا ... قبّ البطون رواجح الأكفال

  من كل آنسة الحديث حيية ... ليست بفاحشة ولا متفال

  أقصى مذاهبها إذا لاقيتها ... في الشهر بين أسرّة وحجال

  وتكون ريقتها إذا نبهتها ... كالشهد أو كسلافة الجريال

  المتفال: المنتنة الريح. والجريال فيما قيل: اسم للون الخمر. وقيل: بل هو من أسمائها. والدليل على أنه لونها قول الأعشى:

  وسلافة مما تعتق بابل ... كدم الذبيح سلبتها جريالها


(١) أ: علي بن العباس.

(٢) الوجيف: السير السريع.

(٣) الدستيجة: الإناء الكبير من الزجاج.