ذكر الكميت ونسبه وخبره
  أورثتة الحصان أمّ هشام ... حسبا ثاقبا ووجها نضيرا
  وتعاطى به ابن عائشة البد ... ر فأمسى له رقيبا نظيرا
  وكساه أبو الخلائف مروا ... ن سنيّ المكارم المأثورا
  لم تجهّم له البطاح ولكن ... وجدتها له مغارا(١) ودورا
  إعجاب هشام بشعره ورضاؤه عنه
  وكان هشام متّكئا فاستوى جالسا، وقال: هكذا فليكن الشعر - يقولها لسالم بن عبد اللَّه بن عمر، وكان إلى جانبه - ثم قال: قد رضيت عنك يا كميت؛ فقبّل يده، وقال: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن تزيد في تشريفي، ولا تجعل لخالد عليّ إمارة! قال: قد فعلت. وكتب له بذلك، وأمر له بأربعين ألف درهم وثلاثين ثوبا هشاميّة.
  وكتب إلى خالد أن يخلَّي سبيل امرأته ويعطيها عشرين ألفا وثلاثين ثوبا. ففعل ذلك.
  خالد يضربه مائة سوط
  وله مع خالد أخبار بعد قدومه الكوفة بالعهد الذي كتب له، منها أنه مرّ به خالد يوما، وقد تحدّث الناس بعزله عن العراق، فلما جاز تمثّل الكميت:
  أراها - وإن كانت تحبّ - كأنها ... سحابة صيف عن قليل تقشّع
  فسمعه خالد، فرجع وقال: أما واللَّه لا تنقشع حتى يغشاك(٢) منها شؤبوب برد. ثم أمر به فجرّد، فضربه مائة سوط، ثم خلَّى عنه ومضى. هذه رواية ابن حبيب.
  ينذر هشاما بخالد
  وقد أخبرني أحمد بن عبد اللَّه بن عمّار قال: حدثنا النّوفليّ عليّ بن محمد بن سليمان أبو الحسن، قال:
  حدثني أبي، قال:
  كان هشام بن عبد الملك قد اتّهم خالد بن عبد اللَّه - وكان يقال - إنه يريد خلعك - فوجد بباب هشام يوما رقعة فيها شعر، فدخل بها على هشام فقرئت عليه، وهي(٣):
  تألَّق برق عندنا وتقابلت ... أثاف لقدر الحرب أخشى اقتبالها
  فدونك قدر الحرب وهي مقرّة ... لكفّيك واجعل دون قدر جعالها(٤)
  / ولن تنتهي أو يبلغ الأمر حدّه ... فنلها برسل قبل ألَّا تنالها(٥)
  فتجشم منها ما جشمت من التي ... بسوراء هرّت نحو حالك حالها(٦)
  تلاف أمور الناس قبل تفاقم ... بعقدة حزم لا تخاف انحلالها
(١) في س والهاشميات: «معانا».
(٢) في أ: «يتغشاك».
(٣) الهاشميات ٨٩.
(٤) الجعالة: خرقة تنزل بها القدر.
(٥) الرسل، بكسر الراء: الرفق والتؤدة.
(٦) في س: «بسوراء أهدت»، والمثبت من أ، ب، وهرت: صوتت. وسوراء: موضع؛ يقال: هو إلى جنب بغداد. والبيت لم يرد في الهاشميات.