ذكر الكميت ونسبه وخبره
  فخرج فمرّ بالسجّان، فظنّ أنه المرأة، فلم يعرض له فنجا، وأنشأ يقول(١).
  /
  خرجت خروج القدح قدح ابن مقبل ... على الرّغم من تلك النوابح والمشلي(٢)
  عليّ ثياب الغانيات وتحتها ... عزيمة أمر أشبهت سلَّة النّصل
  وورد كتاب خالد على والي الكوفة يأمره فيه بما كتب به إليه هشام، فأرسل إلى الكميت ليؤتى به من الحبس فينفذ فيه أمر خالد، فدنا من باب البيت فكلَّمتهم المرأة، وخبّرتهم أنها في البيت(٣)، وأنّ الكميت قد خرج؛ فكتب بذلك إلى خالد فأجابه: حرّة كريمة آست ابن عمها بنفسها، وأمر بتخليتها، فبلغ الخبر الأعور الكلبيّ بالشام، فقال قصيدته التي يرمي فيها امرأة الكميت بأهل الحبس، ويقول: أسودين وأحمرينا(٤).
  هجاؤه أحياء اليمن
  فهاج الكميت ذلك حتى قال:
  ألا حيّيت عنّا يا مدينا(٥)
  وهي ثلاثمائة بيت لم يترك فيها حيّا من أحياء اليمن إلَّا هجاهم. وتوارى، وطلب، فمضى إلى الشام، فقال شعره الذي يقول فيه:
  قف بالدّيار وقوف زائر
  / في مسلمة بن عبد الملك، ويقول:
  يا مسلم ابن أبي(٦) الوليد لميّت إن شئت ناشر / اليوم صرت إلى أميّة والأمور إلى المصاير قال أبو الحسن: قال أبي: إنما أراد اليوم صرت إلى أميّة والأمور إلى مصايرها؛ أي بني هاشم. وبذلك احتجّ ابنه المستهلّ على أبي العباس حين عيّره بقول أبيه هذا الشعر.
  فأذن له ليلا، فسأله أن يجيره على هشام، فقال: إني قد أجرت على أمير المؤمنين فأخفر جواري، وقبيح برجل مثلي أن يخفر في كلّ يوم، ولكنّي أدلَّك، فاستجر بمسلمة بن هشام وبأمّه أمّ الحكم(٧) بنت يحيى بن الحكم؛ فإن أمير المؤمنين قد رشّحه لولاية العهد.
(١) الهاشميات ١٧.
(٢) يضرب المثل بقدح ابن مقبل؛ لأنه وصفه بقوله:
خروج من الغمّى إذا صكّ صكة ... بدا والعيون المستكفّة نلمح
(٣) كذا في الأصول، والمراد بالبيت هنا حجرة السجن وهو مراد الكميت هنا، ومراد عبد الملك فيما كتب به إلى الحجاج.
(٤) البيت كما في الخزانة ١/ ٨٦:
فما وجدت بنات بني نزار ... حلائل أسودين وأحمرينا
(٥) هامش أ: «مدينا»، أراد به «مدينة»، والعرب تقول لابن الأمة: «ابن مدينة»، قال الأخطل:
ربت وربا في كومها ابن مدينة ... يظل على مسحاته يتركَّل
(«للسان» - مدن).
(٦) في س: «وبابن أبي الوليد»، والبيت ليس في الهاشميات.
(٧) حاشية أ: «حكيم» وعليها علامة الصحة.