كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر ابن سريج مع سكينة بنت الحسين

صفحة 35 - الجزء 17

  قالت: من أنت؟ - على ذكر - فقلت لها: ... أنا الذي ساقه للحين مقدار⁣(⁣١)

  قد حان منك - فلا تبعد بك الدار - ... بين وفي البين للمتبول إضرار

  / ثم قالت لعزّة في اليوم الثاني: غنّي، فغنّت لحنها في شعر الحارث بن خالد - ولابن محرز فيه لحن -، ولحن عزّة أحسنهما:

  وقرّت بها عيني، وقد كنت قبلها ... كثير البكاء مشتفقا من صدودها

  وبشرة خود مثل تمثال بيعة ... تظلّ النصارى حوله يوم عيدها

  قال ابن سريج: واللَّه ما سمعت مثل هذا قطَّ حسنا ولا طيبا.

  ثم قالت لابن سريج: هات، فاندفع يغنّي:

  أرقت فلم أنم طربا ... وبتّ مسهّدا نصبا

  لطيف أحبّ خلق اللَّه ... إنسانا وإن غضبا

  فلم أردد مقالتها ... ولم أك عاتبها عتبا⁣(⁣٢)

  ولكن صرّمت تحبلي ... فأمسى الحبل منقضبا⁣(⁣٣)

  فقالت سكينة: قد علمت ما أردت بهذا، وقد شفّعناك، ولم نردّك. وإنما كانت يميني على ثلاثة أيام، فاذهب في حفظ اللَّه وكلاءته.

  ثم قالت لعزّة: إذا شئت. ودعت لها بحلَّة، ولابن سريج بمثلها. فانصرفت عزّة، وأقام ابن سريج حتى انقضت ليلته، وانصرف، فمضى من وجهه إلى مكة راجعا.

  أشعار وأصواتها.

  نسبة الأصوات التي في هذا الخبر

  منها:

  صوت

  حيّيت من طلل تقادم عهده ... أقوى وأقفر بعد أمّ الهيثم

  / الشّعر لعنترة بن شدّاد العبسيّ. والغناء لعزّة الميلاء، وقد كتب ذلك في أول هذه القصيدة وسائر ما يغنيّ فيها.

  ومنها:


(١) المقدار هنا: القدر، بفتحتين.

(٢) العتب، بالتحريك: الكريهة والأمر الشديد.

(٣) بعد هذا البيت في أ: «وذكر باقي الأبيات الأربعة» ولم يكتب هذه الأبيات.