أخبار عزة الميلاء
  وكان إذا سئل: من أحسن الناس غناء؟ قال: مولاة الأنصار المفضّلة على كلّ من غنّى وضرب بالمعازف والعيدان من الرجال والنّساء.
  قال: وحدثني هشام بن المرّيّة أنّ ابن محرز كان يقيم بمكة ثلاثة أشهر، ويأتي المدينة فيقيم بها ثلاثة أشهر من أجل عزّة، وكان يأخذ عنها.
  رأي طويس فيها
  قال إسحاق: وحدثني الجمحيّ، عن جرير(١) المغنّي المديني، أنّ طويسا كان أكثر ما يأوي إلى منزل عزّة الميلاء، وكان في جوارها، وكان إذا ذكرها يقول: هي سيّدة من غنّى من النساء، مع جمال بارع، وخلق فاضل وإسلام لا يشوبه دنس؛ تأمر بالخير وهي من أهله، وتنهى عن السوء وهي مجانبة(٢) له، فناهيك ما كان أنبلها، وأنبل مجلسها!.
  ثم قال: كانت إذا جلست جلوسا عامّا فكأنّ الطير على رؤوس أهل مجلسها، من تكلَّم أو تحرك نقر رأسه.
  قال ابن سلَّام: فما ظنّك بمن يقول: فيه طويس هذا القول! ومن ذلك الذي سلم من طويس!.
  سمعها معبد وقد أسنت فأعجب بها
  قال إسحاق: وحدثني أبو عبد اللَّه الأسلميّ، عن معبد:
  أنه أتى عزّة يوما وهي عند جميلة وقد أسنّت، وهي تغنّي على معزفة في شعر ابن الإطنابة، قال:
  علَّلاني وعلَّلا صاحبيّا ... واسقياني من المروّق ريّا
  قال: فما سمع السامعون قطَّ بشيء أحسن من ذلك. قال معبد: هذا غناؤها، وقد أسنّت، فكيف بها وهي شابّة!.
  عمر بن أبي ربيعة يغشى عليه حين سمعها تغني شعره
  قال إسحاق: وذكر لي عن صالح بن حسّان الأنصاريّ، قال: كانت عزّة مولاة لنا، وكانت عفيفة جميلة، وكان عبد اللَّه بن جعفر، وابن أبي عتيق، وعمر بن أبي ربيعة يغشونها في منزلها فتغنّيهم. وغنّت يوما عمر بن أبي ربيعة لحنا لها في شيء من شعره، فشقّ ثيابه، وصاح صيحة عظيمة صعق معها، فلما أفاق قال له القوم: لغيرك الجهل يا أبا الخطاب! قال: إني سمعت واللَّه ما لم أملك معه نفسي ولا عقلي.
  وقال إسحاق: وحدثني أبو عبد اللَّه الأسلميّ المدنيّ، قال:
  كان حسّان بن ثابت معجبا بعزّة الميلاء، وكان يقدّمها على سائر قيان المدينة.
  غنت شعرا لحسان بن ثابت فبكى
  أخبرني حرميّ، عن الزبير، عن محمد بن الحسن المخزوميّ، عن محرز بن جعفر، قال:
(١) كذا ضبط بالتصغير في أو الإكمال: ١٣١ أ.
(٢) في المختار: «وهي مجانبته».