ذكر نسب الربيع بن زياد
  أنّ عبد اللَّه بن جدعان لقي فاطمة بنت الخرشب وهي تطوف بالكعبة فقال لها: نشدتك بربّ هذه البنيّة، أيّ بنيك أفضل؟ قالت: الربيع، لا بل عمارة، لا بل أنس، ثكلتهم إن كنت أدري أيّهم أفضل.
  قال ابن النطاح: وحدثني أبو اليقظان سحيم بن حفص العجيفيّ، قال: حدثني أبو الخنساء، قال:
  سئلت فاطمة عن بنيها أيّهم أفضل؟ فقالت: الربيع، لا بل عمارة، لا بل أنس، لا بل قيس، وعيشي ما أدري، أما واللَّه ما حملت واحدا منهم تضعا، ولا ولدته يتنا، ولا أرضعته غيلا، ولا منعته قيلا، ولا أبتّه على ماقة(١).
  قال أبو اليقظان:
  أما قولها ما حملت واحدا منهم تضعا، فتقول: لم أحمله في دبر الطَّهر وقبل الحيض. وقولها: ولا ولدته يتنا، وهو أن تخرج رجلاه قبل رأسه. ولا أرضعته / غيلا، أي ما أرضعته قبل أن أحلب ثديي. ولا منعته قيلا، أي لم أمنعه اللبن عند القائلة. ولا أبتّه على ماقة، أي وهو يبكي.
  أمه تصفه وتصف إخوته
  قال ابن النطاح: وحدثني أبو اليقظان، قال: حدثني أبو صالح الأسديّ قال:
  سئلت فاطمة بنت الخرشب عن بنيها، فوصفتهم، وقالت في عمارة: لا ينام ليلة يخاف، ولا يشبع ليلة يضاف. وقالت في الربيع: لا تعدّ مآثره ولا تخشى في الجهل بوادره. وقالت في أنس: إذا عزم أمضى، وإذا سئل أرضى، وإذا قدر أغضى. وقالت في الآخرين أشياء لم يحفظها أبو اليقظان.
  حكمته وبعد نظره
  وقال ابن النطاح: وحدثني القحذميّ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني ابن عيّاش(٢)، عن رجل من بني عبس، قال:
  ضاف فاطمة ضيف، فطرحت عليه شملة من خزّ وهي مسك كما هي، (فلما وجد رائحتها وأعتم دنا منها، فصاحت به، فكفّ عنها، ثم إنه تحرك أيضا فأرادها عن نفسها)(٣)، فصاحت، فكفّ، ثم إنه لم يصبر فواثبها فبطشت به، فإذا هي من أشدّ الناس، فقبضت عليه ثم صاحت: يا قيس، فأتاها، فقالت: إنّ هذا أرادني عن نفسي، فما ترى فيه؟ فقال: أخي أكبر مني، فعليك به، فنادت: يا أنس، فأتاها، فقالت: إنّ هذا أرادني عن نفسي فما ترى فيه؟ فقال لها: أخي أكبر مني فسليه، فنادت: يا عمارة، فأتاها فذكرت ذلك له، فقال لها: السيف، وأراد قتله، فقالت له: يا بنيّ، لو دعونا أخاك فهو أكبر منك، فدعت الربيع، فذكرت ذلك له، فقال: أفتطيعونني يا بني زياد؟
  قالوا: نعم، قال: فلا تزنّوا أمّكم، ولا تقتلوا ضيفكم، وخلَّوه يذهب، فذهب.
  شعر قيل في مدحه ومدح إخوته
  قال ابن النطَّاح: وقال بعض الشعراء يمدح بني زياد من فاطمة، يقال: إنه قيس بن زهير، ويقال: حاتم طيّئ(٤):
(١) هامش أ: «هذا الخبر روى عن أم تأبط شرا، ذكره ابن السكيت». وانظر اللسان (وضع) و (يتن).
(٢) أ: «ابن عباس».
(٣) ما بين القوسين ليس في أ، وبدله: «فلما أعتم دنا منها».
(٤) الأبيات في ديوان حاتم ص ١٧ مع اختلاف يسير.