كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب الربيع بن زياد

صفحة 119 - الجزء 17

  أنّ عبد اللَّه بن جدعان لقي فاطمة بنت الخرشب وهي تطوف بالكعبة فقال لها: نشدتك بربّ هذه البنيّة، أيّ بنيك أفضل؟ قالت: الربيع، لا بل عمارة، لا بل أنس، ثكلتهم إن كنت أدري أيّهم أفضل.

  قال ابن النطاح: وحدثني أبو اليقظان سحيم بن حفص العجيفيّ، قال: حدثني أبو الخنساء، قال:

  سئلت فاطمة عن بنيها أيّهم أفضل؟ فقالت: الربيع، لا بل عمارة، لا بل أنس، لا بل قيس، وعيشي ما أدري، أما واللَّه ما حملت واحدا منهم تضعا، ولا ولدته يتنا، ولا أرضعته غيلا، ولا منعته قيلا، ولا أبتّه على ماقة⁣(⁣١).

  قال أبو اليقظان:

  أما قولها ما حملت واحدا منهم تضعا، فتقول: لم أحمله في دبر الطَّهر وقبل الحيض. وقولها: ولا ولدته يتنا، وهو أن تخرج رجلاه قبل رأسه. ولا أرضعته / غيلا، أي ما أرضعته قبل أن أحلب ثديي. ولا منعته قيلا، أي لم أمنعه اللبن عند القائلة. ولا أبتّه على ماقة، أي وهو يبكي.

  أمه تصفه وتصف إخوته

  قال ابن النطاح: وحدثني أبو اليقظان، قال: حدثني أبو صالح الأسديّ قال:

  سئلت فاطمة بنت الخرشب عن بنيها، فوصفتهم، وقالت في عمارة: لا ينام ليلة يخاف، ولا يشبع ليلة يضاف. وقالت في الربيع: لا تعدّ مآثره ولا تخشى في الجهل بوادره. وقالت في أنس: إذا عزم أمضى، وإذا سئل أرضى، وإذا قدر أغضى. وقالت في الآخرين أشياء لم يحفظها أبو اليقظان.

  حكمته وبعد نظره

  وقال ابن النطاح: وحدثني القحذميّ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني ابن عيّاش⁣(⁣٢)، عن رجل من بني عبس، قال:

  ضاف فاطمة ضيف، فطرحت عليه شملة من خزّ وهي مسك كما هي، (فلما وجد رائحتها وأعتم دنا منها، فصاحت به، فكفّ عنها، ثم إنه تحرك أيضا فأرادها عن نفسها)⁣(⁣٣)، فصاحت، فكفّ، ثم إنه لم يصبر فواثبها فبطشت به، فإذا هي من أشدّ الناس، فقبضت عليه ثم صاحت: يا قيس، فأتاها، فقالت: إنّ هذا أرادني عن نفسي، فما ترى فيه؟ فقال: أخي أكبر مني، فعليك به، فنادت: يا أنس، فأتاها، فقالت: إنّ هذا أرادني عن نفسي فما ترى فيه؟ فقال لها: أخي أكبر مني فسليه، فنادت: يا عمارة، فأتاها فذكرت ذلك له، فقال لها: السيف، وأراد قتله، فقالت له: يا بنيّ، لو دعونا أخاك فهو أكبر منك، فدعت الربيع، فذكرت ذلك له، فقال: أفتطيعونني يا بني زياد؟

  قالوا: نعم، قال: فلا تزنّوا أمّكم، ولا تقتلوا ضيفكم، وخلَّوه يذهب، فذهب.

  شعر قيل في مدحه ومدح إخوته

  قال ابن النطَّاح: وقال بعض الشعراء يمدح بني زياد من فاطمة، يقال: إنه قيس بن زهير، ويقال: حاتم طيّئ⁣(⁣٤):


(١) هامش أ: «هذا الخبر روى عن أم تأبط شرا، ذكره ابن السكيت». وانظر اللسان (وضع) و (يتن).

(٢) أ: «ابن عباس».

(٣) ما بين القوسين ليس في أ، وبدله: «فلما أعتم دنا منها».

(٤) الأبيات في ديوان حاتم ص ١٧ مع اختلاف يسير.