أخبار الحطيئة مع سعيد بن العاص
١٨ - أخبار الحطيئة مع سعيد بن العاص
  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن حكيم، عن خالد بن سعيد، عن أبيه، قال: لقيني إياس بن الحطيئة، فقال لي: يا أبا عثمان، مات أبي، وفي كسر بيته عشرون ألفا أعطاه إياها أبوك، وقال فيه خمس قصائد، فذهب واللَّه ما أعطيتمونا وبقي ما أعطيناكم، فقلت: صدقت واللَّه.
  شعره في مدح سعيد بن العاص
  قال أبو زيد: فممّا قال فيه قوله:
  أمن رسم دار مربع ومصيف ... لعينك من ماء الشؤون وكيف(١)
  إليك سعيد الخير جبت مهامها ... يقابلني آل بها وتنوف(٢)
  ولولا أصيل اللَّبّ غضّ شبابه ... كريم لأيام المنون عروف(٣)
  إذا همّ بالأعداء لم يثن همّه ... كعاب عليها لؤلؤ وشنوف(٤)
  حصان لها في البيت زيّ وبهجة ... ومشي كما تمشى القطاة قطوف(٥)
  ولو شاء وارى الشمس من دون وجهه ... حجاب ومطويّ السراة منيف(٦)
  ينشد شعرا لأبي دواد الإيادي وعبيد
  أخبرنا محمد بن العباس اليزيديّ، وأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن حكيم الطائيّ، عن خالد / بن سعيد بن العاص، عن أبيه، قال: كان سعيد بن العاص في المدينة زمن معاوية، وكان يعشّي الناس، فإذا فرغ من العشاء قال الآذن: أجيزوا إلَّا من كان من أهل سمره. قال:
  فدخل الحطيئة فتعشّى مع الناس، ثم أقبل فقال الآذن: أجيزوا، حتى انتهى إلى الحطيئة، فقال: أجز، فأبى، فأعاد عليه فأبى، فلما رأى سعيد إباءه قال: دعه، وأخذ في الشّعر والحطيئة مطرق لا ينطق، فقال الحطيئة: واللَّه ما أصبتم جيّد الشعر، ولا شاعر الشعراء. قال سعيد: من أشعر العرب يا هذا؟ فقال: الذي يقول:
(١) ديوانه ٣٩. والوكيف: سيلان الدموع.
(٢) جبت: قطعت. وتنوف: جمع تنوفة، وهي المفازة.
(٣) العروف: الصبور على نوائب الأيام. واللب: العقل. الأصمعي: رأيه رأي مسن. وسنه سن غلام.
(٤) الكعاف: المرأة حين يبدو ثديها للنهود. الشنوف: جمع شنف، بالفتح، وهو القرط.
(٥) الحصان: العفيفة. والقطوف من الدواب: المتقارب الخطو، البطيء.
(٦) مطوي سراته، أي محكم أعلاه.