كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحطيئة مع سعيد بن العاص

صفحة 147 - الجزء 17

  / فأمر له بعشرة آلاف درهم، ثم عاد فأنشده قصيدته التي يقول فيها:

  أمن رسم دار مربع ومصيف

  يقول فيها:

  إذا همّ بالأعداء لم يثن عزمه ... كعاب عليها لؤلؤ وشنوف

  فأعطاه عشر آلاف أخرى.

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد، قال: أخبرنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة بهذا الحديث نحو ما رواه خالد بن سعيد، وزاد فيه:

  فانتهى الشّرط إلى الحطيئة فرأوه أعرابيا قبيح الوجه، كبير السن، سيّئ الحال، رثّ الهيئة، فأرادوا أن يقيموه، فأبى أن يقوم، وحانت من سعيد التفاتة، فقال: دعوا الرجل، وباقي الخبر مثله.

  خالد بن سعيد بن العاص يأمر له بكسوة وحملان

  قال أبو عبيدة في هذا الخبر: وأخبرني رجل من بني كنانة، قال: أقبل الحطيئة في ركب من بني عبس، حتى قدم المدينة، فأقام مدّة، ثم قال له من في رفقته: إنا قد أرذينا⁣(⁣١) وأخلينا، فلو تقدّمت إلى رجل شريف من أهل هذه القرية فقرانا وحملنا. فأتى خالد بن سعيد بن العاص، فسأله فاعتذر إليه، وقال: ما عندي شيء فلم يعد عليه الكلام، وخرج من عنده، فارتاب به خالد، فبعث يسأل عنه، فأخبر أنه الحطيئة، فردّه. فأقبل الحطيئة، فقعد لا يتكلَّم، فأراد خالد أن يستفتحه الكلام، فقال: من أشعر الناس؟ فقال: الذي يقول:

  ومن يجعل المعروف من دون عرضه ... يفره ومن لا يتّق الشّتم يشتم⁣(⁣٢)

  فقال خالد لبعض جلسائه: هذه بعض عقاربه، وأمر بكسوة وحملان، فخرج بذلك من عنده.

  صوت

  حبّذا ليلتي بتلّ بونّى⁣(⁣٣) ... حين نسقّى شرابنا ونغنّى

  إذ رأينا جواريا عطرات ... وغناء وقرقفا فنزلنا⁣(⁣٤)

  ما لهم لا يبارك اللَّه فيهم ... إذ يسألون: ويحنا ما فعلنا!

  عروضه الضرب الأوّل من الخفيف. الشعر لمالك بن أسماء بن خارجة، والغناء لحنين، رمل / مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق.


(١) أرذينا، أي صارت دوابنا هزلى من طول السفر. فالرفق من الدواب: المهزول الهالك من السير، لا يستطيع براحا.

(٢) البيت لزهير بن أبي سلمى ص ٣٠.

(٣) تل بوني: من قرى الكوفة.

(٤) رواية البيت في البلدان وابن قتيبة ٧٥٧:

ومررنا بنسوة عطرات ... وسماع وقرقف فنزلنا

والقرقف: الخمر.