أخبار الحطيئة مع سعيد بن العاص
  / فأمر له بعشرة آلاف درهم، ثم عاد فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
  أمن رسم دار مربع ومصيف
  يقول فيها:
  إذا همّ بالأعداء لم يثن عزمه ... كعاب عليها لؤلؤ وشنوف
  فأعطاه عشر آلاف أخرى.
  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد، قال: أخبرنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة بهذا الحديث نحو ما رواه خالد بن سعيد، وزاد فيه:
  فانتهى الشّرط إلى الحطيئة فرأوه أعرابيا قبيح الوجه، كبير السن، سيّئ الحال، رثّ الهيئة، فأرادوا أن يقيموه، فأبى أن يقوم، وحانت من سعيد التفاتة، فقال: دعوا الرجل، وباقي الخبر مثله.
  خالد بن سعيد بن العاص يأمر له بكسوة وحملان
  قال أبو عبيدة في هذا الخبر: وأخبرني رجل من بني كنانة، قال: أقبل الحطيئة في ركب من بني عبس، حتى قدم المدينة، فأقام مدّة، ثم قال له من في رفقته: إنا قد أرذينا(١) وأخلينا، فلو تقدّمت إلى رجل شريف من أهل هذه القرية فقرانا وحملنا. فأتى خالد بن سعيد بن العاص، فسأله فاعتذر إليه، وقال: ما عندي شيء فلم يعد عليه الكلام، وخرج من عنده، فارتاب به خالد، فبعث يسأل عنه، فأخبر أنه الحطيئة، فردّه. فأقبل الحطيئة، فقعد لا يتكلَّم، فأراد خالد أن يستفتحه الكلام، فقال: من أشعر الناس؟ فقال: الذي يقول:
  ومن يجعل المعروف من دون عرضه ... يفره ومن لا يتّق الشّتم يشتم(٢)
  فقال خالد لبعض جلسائه: هذه بعض عقاربه، وأمر بكسوة وحملان، فخرج بذلك من عنده.
  صوت
  حبّذا ليلتي بتلّ بونّى(٣) ... حين نسقّى شرابنا ونغنّى
  إذ رأينا جواريا عطرات ... وغناء وقرقفا فنزلنا(٤)
  ما لهم لا يبارك اللَّه فيهم ... إذ يسألون: ويحنا ما فعلنا!
  عروضه الضرب الأوّل من الخفيف. الشعر لمالك بن أسماء بن خارجة، والغناء لحنين، رمل / مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق.
(١) أرذينا، أي صارت دوابنا هزلى من طول السفر. فالرفق من الدواب: المهزول الهالك من السير، لا يستطيع براحا.
(٢) البيت لزهير بن أبي سلمى ص ٣٠.
(٣) تل بوني: من قرى الكوفة.
(٤) رواية البيت في البلدان وابن قتيبة ٧٥٧:
ومررنا بنسوة عطرات ... وسماع وقرقف فنزلنا
والقرقف: الخمر.