أخبار لابن قيس الرقيات
  / يعرّض بعبد الملك؛ لأنه كان متغيّر الفم يؤذيه رائحته، فكان في يده أبدا ريحان، أو تفّاحة، أو طيب يشمه.
  بيت شعر لابن قيس الرقيات أحفظ عبد الملك بن مروان
  أخبرني الحرميّ، قال: حدثنا الزبير، عن عمه:
  أنّ ابن قيس قال في عبد العزيز بن مروان:
  يلتفت الناس عند منبره ... إذا عمود البريّة انهدما
  يعني إذا مات عبد الملك؛ لأنّ العهد كان إليه بعده.
  قال الزّبير: فأخبرني مصعب بن عثمان، قال:
  لما بلغ عبد الملك هذا البيت أحفظه، وقال: بفيه الحجر، وحينئذ قال: لقد دخل ابن قيس مدخلا ضيقا.
  الحجاج يبعث إلى عبد الملك بعمران بن عصام العنزي
  أخبرني الحرميّ، قال: حدثنا الزبير، قال: حدثني كثيّر بن جعفر، عن أبيه، قال:
  قال الحجّاج يوما لأهل ثقته من جلسائه: ما من أحد من بني أميّة أشدّ نصبا(١) لي من عبد العزيز بن مروان، وليس يوم من الأيام إلَّا وأنا أتخوّف أن تأتيني منه قارعة، فهل من رجل تدلَّوني عليه، له لسان وشعر وجلد؟ قالوا:
  نعم، عمران بن عصام العنزيّ، فدعاه فأخلاه، ثم قال: اخرج بكتابي هذا إلى أمير المؤمنين، فاقدح في قلبه من ابنه شيئا في الولاية، فقال له عمران: دسّ أيها الأمير إليّ دسّا، فقال له الحجاج: «إنّ العوان لا تعلَّم الخمرة»(٢):
  فخرج بكتاب الحجّاح، فلما دخل على عبد الملك دفع إليه الكتاب، وسأله عن الحجّاج، وأمر العراق، فاندفع يقول:
  /
  أمير المؤمنين إليك أهدي ... على الشّحط التحيّة والسلاما
  أمير من بنيك يكن جوابي ... لهم أكرومة ولنا نظاما
  فلو أن الوليد أطاع فيه ... جعلت له الإمامة والذّماما
  فكتب عبد الملك إلى عبد العزيز في ذلك. ثم ذكر من خبرهما في المكاتبة مثل الخبر الذي قبله، وقال فيه:
  فرقّ عبد الملك رقّة شديدة، وقال: لا يكون إلى الصلة أسرع مني، فكفّ عن ذلك، وما لبث عبد العزيز إلا ستّة أشهر حتى مات.
  الحجاج يقتل ابن الأشعث وعمران بن عصام
  فلما كان زمان ابن الأشعث خرج عمران بن عصام معه على الحجّاج، فأتى به حين قتل ابن الأشعث فقتله، فبلغ ذلك عبد الملك فقال: قطع اللَّه يدي الحجاج! أقتله وهو الذي يقول:
  وبعثت من ولد الأغرّ معتّب ... صقرا يلوذ حمامه بالعوسج
  وإذا طبخت بناره أنضجتها ... وإذا طبخت بغيرها لم تنضج
(١) النصب: المعاداة. وفي «بيروت»: بغضا إليّ.
(٢) المستقصى ٢/ ٣٣٤ يريد أن المجرب عارف بأمره.