كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أبي عطاء السندي

صفحة 215 - الجزء 17

  شعره في مدح سليمان بن سليم

  نسخت من كتاب عبيد اللَّه بن محمد اليزيديّ: قال الهيثم بن عديّ، عن / حماد بن سلمة الكلبيّ، قال:

  دخل أبو عطاء السنديّ على سليمان بن سليم بن بشّار⁣(⁣١)، فقال له:

  أعوزتني الرّواة يا بن سليم ... وأبى أن يقيم شعري لساني

  وغلا بالذي أجمجم صدري ... وشكاني من عجمتي شيطاني

  وعدتني العيون أن كان لوني ... حالكا مظلما من الألوان

  وضربت الأمور ظهرا لبطن ... كيف أحتال حيلة لبياني!

  فتمنّيت أنني كنت بالشع ... ر فصيحا وبان بعض بناني

  ثم أصبحت قد أنخت ركابي ... عند رحب الفناء والأعطان

  فإلى من سواك يا بن سليم ... أشتكي كربتي وما قد عناني

  فاكفني ما يضيق عنه ذراعي ... بفصيح من صالحي الغلمان

  يفهم الناس ما أقول من الشع ... ر فإنّ البيان قد أعياني

  ثم خذني بالشكر يا بن سليم ... حيث كانت داري من البلدان

  فأمر له بوصيف فصيح كان حسن الإنشاد، فقال أبو عطاء أيضا:

  فأقبلوا نحوي معا بالقنا ... وكلَّهم يسأل: ما شأني؟

  فقلت: شأني كلَّه أنني ... في تعب من لفظ جرداني

  يا بن سليم أنت لي عصمة ... من حدث أفزع جيراني

  فقد رماني الدّهر عن فقره ... بسهم فقر غير لغبان⁣(⁣٢)

  صاد فؤادي بعد ما قد سلا ... فصرت كالمقتبل العاني

  / فانعش فدتك النفس مني ومن ... أطاعني من جلّ إخواني

  وهب فدتك النفس لي طفلة⁣(⁣٣) ... يقمع حرها رأس شيطاني

  فإن أيري قد عتا واعتدى ... وصار يبغي بغية الزّاني

  فاللَّه ثم اللَّه في قمعه ... من قبل أن أمنى⁣(⁣٤) بسلطان

  / يتركني أضحوكة بعد ما ... أضرب في سرّ وإعلان

  فأمر له بجارية قندهاريّة⁣(⁣٥) فارهة، فقال:

  أحصنني اللَّه بكفّي فتى ... مهذّب من سرّ قحطان


(١) أ: «ابن كيسان».

(٢) اللغبان: «الشديد الإعياء».

(٣) الطفلة: الرخصة الناعمة.

(٤) أ: «أنمى».

(٥) قندهاربة: منسوبة إلى قندهاز (البلدان).