ذكر عبد الرحمن بن أبي بكر
  وقف محكَّم اليمامة على ثلمة(١) فحماها فلم يجز عليه(٢) أحد، فرماه عبد الرحمن بن أبي بكر فقتله - وكان أحد الرّماه - فدخل المسلمون من تلك الثّلمة، وهو المخاطب لمروان يوم دعا إلى بيعة يزيد، والقائل: إنّما تريدون أن تجعلوها كسرويّة أو هرقليّة، كلما هلك كسرى أو هرقل ملك كسرى أو هرقل، فقال مروان: أيّها الناس، هذا الذي قال لوالديه: أفّ لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي، فصاحت به عائشة: ألعبد الرحمن تقول هذا؟ كذبت واللَّه، ما هو به، ولو شئت أن أسمّي من أنزلت فيه لسميته، ولكن أشهد أنّ رسول اللَّه ﷺ لعن أباك، وأنت في صلبه، فأنت فضض(٣) من لعنة اللَّه.
  حدثنا بذلك أحمد بن الجعد، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا وهب بن جرير، عن جويرية بن أسماء، وفي غير رواية: أنّ عائشة قالت له: يا مروان؛ أفينا تتأوّل القرآن، وإلينا تسوق اللعن؟
  / واللَّه لأقومنّ يوم الجمعة بك مقاما تودّ أني لم أقمه. فأرسل إليها بعد ذلك وترضّاها واستعفاها، وحلف ألَّا يصلي بالناس أو تؤمّنه، ففعلت.
  شعره في ليلى بنت الجودي
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن عبد اللَّه(٤) بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وأخبرني الطَّوسي، قال: حدثنا الزّبير، قال: حدثنا محمد بن الضحاك، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي الزّناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال:
  استهيم عبد الرحمن بن أبي بكر بليلى بنت الجوديّ بن عديّ بن عمرو بن أبي عمرو الغسّانيّ، فقال فيها(٥):
  تذكرت ليلى(٦) والسماوة دونها ... وما لابنة الجوديّ ليلى وماليا
  وأنّى تعاطي قلبه حارثيّة(٧) ... تحلّ ببصرى أو تحلّ الجوابيا(٨)
  وكيف يلاقيها، بلى، ولعلَّها ... إذا الناس حجّوا قابلا أن تلاقيا(٩)
  قال أبو زيد: وقال فيها:
  يابتة الجوديّ قلبي كئيب ... مستهام عندها ما ينيب
(١) الثلمة: فرجة المكسور والمهدوم.
(٢) ف: «فلم يجز عليها».
(٣) قال في القاموس: أنت فضض من لعنة اللَّه، وبروى: فضض، كعنق وغراب، أي قطعة منها.
(٤) ف: «عن عبد الرحمن».
(٥) الأبيات في نسب قريش ٢٧٦، والبيت الأول في الإصابة ٤: ٣٩٠، وانظر نسب قريش.
(٦) في نسب قريش: «تذكر ليلى».
(٧) نسب قريش: ... ذكرها حارثية».
(٨) كذا في ف وفي أ، ج، ب: «الحوانيا»، والمثبت يوافق ما في نسب قريش.
(٩) في نسب قريش:
وأنى تلاقيها ... .... قابلا أن توافيا