ذكر ذي الرمة وخبره
  ألفت كلاب الحيّ حتى عرفنني ... ومدّت نساج(١) العنكبوت على رحلي
  / قال: ثم قال لمسعود أخيه: يا مسعود، قد أجدني تماثلت وخفّت الأشياء عندنا، واحتجنا إلى زيارة بني مروان، فهل لك بنا فيهم؟ فقال: نعم، فأرسله إلى إبله يأتيه(٢) منها بلبن يتزوده، وواعده مكانا، وركب ذو الرمة ناقته فقمصت به، وكانت قد أعفيت(٣) من الركوب، وانفجرت(٤) النّوطة التي كانت به. قال: وبلغ موعد صاحبه وجهد وقال: أردنا شيئا وأراد اللَّه شيئا، وإن العلَّة التي كانت بي انفجرت. فأرسل إلى أهله فصلَّوا(٥) عليه، ودفن برأس حزوى، وهي الرملة التي كان يذكرها في شعره.
  قبره بالدهناء
  نسخت من كتاب عبيد اللَّه(٦) بن محمد اليزيديّ: قال أبو عبيدة وذكر هارون(٧) بن الزيات، عن محمد بن عليّ بن المغيرة، عن أبيه، عن أبي عبيدة، عن المنتجع بن نبهان قال:
  لما احتضر ذو الرمة قال: إني لست ممن يدفن في الغموض والوهاد، قالوا: فكيف نصنع بك ونحن في رمال الدهناء؟ قال: فأين أنتم من كثبان حزوى؟ - قال: وهما رملتان مشرفتان على ما حولهما من الرمال - قالوا: فكيف نحفر لك في الرمل(٨) وهو هائل؟ قال: فأين الشجر والمدر والأعواد؟ قال: فصلَّينا عليه في بطن الماء، ثم حملنا له الشجر والمدر على الكباش، وهي أقوى على الصّعود في الرمل من الإبل. فجعلوا قبره هناك وزبّروه(٩) بذلك الشجر والمدر، ودلَّوه في قبره، فأنت إذا عرفت موضع قبره رأيته قبل أن تدخل الدهناء، وأنت بالدّوّ(١٠) على مسيرة ثلاث.
  قال هارون: وحدثني محمد بن صالح العدويّ، قال: ذكر أبو عمرو المراديّ:
  / إن قبر ذي الرمة بأطراف عناق من وسط الدّهناء مقابل الأواعس، وهي أجبل شوارع يقابلن الصّريمة(١١) صريمة النّعام، وهذا الموضع لبني سعد ويختلط معهم الرّباب.
  قال هارون: وحدثني هارون بن مسلم، عن الزّياديّ، عن العلاء بن برد، قال:
  ما كان شيء أحبّ إلى ذي الرمة إذا ورد ماء من أن يطوي ولا يسقي(١٢)، فأخبرني مخبر أنه مر بالجفر وقد جهده العطش، قال: فسمعته يقول:
(١) في «الديوان»:
«أتتني ..... ومدت نسوج «
وفي «المختار»: «ومدت مسوح».
(٢) أ: «ليأتيه».
(٣) ف: «عنت».
(٤) ف: «فانفجرت».
(٥) «المختار»: «فأتوه وصلوا عليه».
(٦) ف: «عبد اللَّه».
(٧) ف: «وذكر هارون بن محمد الزيات».
(٨) ف: «رمل هائل».
(٩) أ: «ودثروه». والزبر أصله طي البئر بالحجارة.
(١٠) ياقوت: الدو: أرض ملساء بين مكة والبصرة.
(١١) أ: «الصرمة».
(١٢) ف: «ولا يستكفي».