كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر ذي الرمة وخبره

صفحة 291 - الجزء 18

  ألفت كلاب الحيّ حتى عرفنني ... ومدّت نساج⁣(⁣١) العنكبوت على رحلي

  / قال: ثم قال لمسعود أخيه: يا مسعود، قد أجدني تماثلت وخفّت الأشياء عندنا، واحتجنا إلى زيارة بني مروان، فهل لك بنا فيهم؟ فقال: نعم، فأرسله إلى إبله يأتيه⁣(⁣٢) منها بلبن يتزوده، وواعده مكانا، وركب ذو الرمة ناقته فقمصت به، وكانت قد أعفيت⁣(⁣٣) من الركوب، وانفجرت⁣(⁣٤) النّوطة التي كانت به. قال: وبلغ موعد صاحبه وجهد وقال: أردنا شيئا وأراد اللَّه شيئا، وإن العلَّة التي كانت بي انفجرت. فأرسل إلى أهله فصلَّوا⁣(⁣٥) عليه، ودفن برأس حزوى، وهي الرملة التي كان يذكرها في شعره.

  قبره بالدهناء

  نسخت من كتاب عبيد اللَّه⁣(⁣٦) بن محمد اليزيديّ: قال أبو عبيدة وذكر هارون⁣(⁣٧) بن الزيات، عن محمد بن عليّ بن المغيرة، عن أبيه، عن أبي عبيدة، عن المنتجع بن نبهان قال:

  لما احتضر ذو الرمة قال: إني لست ممن يدفن في الغموض والوهاد، قالوا: فكيف نصنع بك ونحن في رمال الدهناء؟ قال: فأين أنتم من كثبان حزوى؟ - قال: وهما رملتان مشرفتان على ما حولهما من الرمال - قالوا: فكيف نحفر لك في الرمل⁣(⁣٨) وهو هائل؟ قال: فأين الشجر والمدر والأعواد؟ قال: فصلَّينا عليه في بطن الماء، ثم حملنا له الشجر والمدر على الكباش، وهي أقوى على الصّعود في الرمل من الإبل. فجعلوا قبره هناك وزبّروه⁣(⁣٩) بذلك الشجر والمدر، ودلَّوه في قبره، فأنت إذا عرفت موضع قبره رأيته قبل أن تدخل الدهناء، وأنت بالدّوّ⁣(⁣١٠) على مسيرة ثلاث.

  قال هارون: وحدثني محمد بن صالح العدويّ، قال: ذكر أبو عمرو المراديّ:

  / إن قبر ذي الرمة بأطراف عناق من وسط الدّهناء مقابل الأواعس، وهي أجبل شوارع يقابلن الصّريمة⁣(⁣١١) صريمة النّعام، وهذا الموضع لبني سعد ويختلط معهم الرّباب.

  قال هارون: وحدثني هارون بن مسلم، عن الزّياديّ، عن العلاء بن برد، قال:

  ما كان شيء أحبّ إلى ذي الرمة إذا ورد ماء من أن يطوي ولا يسقي⁣(⁣١٢)، فأخبرني مخبر أنه مر بالجفر وقد جهده العطش، قال: فسمعته يقول:


(١) في «الديوان»:

«أتتني ..... ومدت نسوج «

وفي «المختار»: «ومدت مسوح».

(٢) أ: «ليأتيه».

(٣) ف: «عنت».

(٤) ف: «فانفجرت».

(٥) «المختار»: «فأتوه وصلوا عليه».

(٦) ف: «عبد اللَّه».

(٧) ف: «وذكر هارون بن محمد الزيات».

(٨) ف: «رمل هائل».

(٩) أ: «ودثروه». والزبر أصله طي البئر بالحجارة.

(١٠) ياقوت: الدو: أرض ملساء بين مكة والبصرة.

(١١) أ: «الصرمة».

(١٢) ف: «ولا يستكفي».