كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر خبر إبراهيم

صفحة 294 - الجزء 18

  والفجاج؛ فهي تعفّي الآثار وتدفنها. غنّاه إبراهيم الموصليّ ماخوريّا بالوسطى. ومنها⁣(⁣١):

  صوت

  أمنزلتي ميّ سلام عليكما ... هل الأزمن اللائي مضين رواجع!

  وهل يرجع التّسليم أو يكشف العمى ... ثلاث الأثافي والدّيار البلاقع!⁣(⁣٢)

  توهمتها يوما فقلت لصاحبي ... وليس لها إلَّا الظباء الخواضع⁣(⁣٣)

  وموشيّة سحم⁣(⁣٤) الصّياصي كأنها ... مجلَّلة حوّ عليها البراقع

  عروضه من الطويل. غنّاه إبراهيم ماخوريّا بالوسطى. والأزمن والأزمان جمع / زمان. والعمى: الجهالة.

  والأثافيّ الثلاث هي الحجارة التي تنصب عليها القدر، واحدتها أثفيّة. والخواضع من الظباء: اللاتي قد طأطأت رؤوسها. والموشيّة: يعني البقر. والصّياصي: القرون واحدتها صيصية. والمجلَّلة: التي كأن عليها جلالا⁣(⁣٥) سودا. والحوّة: حمرة في سواد. ومما يغنّي فيه من هذه القصيدة قوله⁣(⁣٦):

  صوت

  قف العنس⁣(⁣٧) ننظر نظرة في ديارها ... وهل ذاك من داء الصبابة نافع!⁣(⁣٨)

  فقال: أما تغشى لميّة منزلا ... من الأرض إلا قلت: هل أنا رابع!⁣(⁣٩)

  وقلّ لأطلال لميّ تحيّة⁣(⁣١٠) ... تحيّا بها أو أن ترشّ المدامع

  العنس: الناقة. والرابع: المقيم. وقلّ لأطلال، أي ما أقل لهذه الأطلال مما أفعله. وترش المدامع، أي تكثر نضحها الدموع. غناه إبراهيم الموصليّ ماخوريا.

  وذكر ابن الزيات، عن محمد بن صالح العذريّ، عن الحرمازيّ، قال:

  مرّ الفرزدق على ذي الرمة وهو ينشد:

  أمنزلتي ميّ سلام عليكما

  فلمّا فرغ قال له: يا أبا فراس، كيف ترى؟ قال: أراك شاعرا. قال: فما أقعدني عن غاية الشعراء؟ قال:

  بكاؤك على الدّمن، ووصفك القطا وأبوال الإبل.


(١) «ديوانه» ٣٣٢.

(٢) «الديوان»: «الرسوم البلاقع».

(٣) ج: «الخواشع».

(٤) الأسحم: الأسود؛ وجمعه سحم. وأصل الصياصي الحصون والمعاقل؛ ولما كانت البقر تحمي بقرونها سميت قرونها صياصي.

يقول: كأن البقر خيل مجللة. حو: دهم، يعني الخيل.

(٥) ج: «أجلالها».

(٦) «ديوانه» ٣٣٣.

(٧) ب، و «الديوان»: «العيس». والعنس: الناقة الصلبة القوية.

(٨) أ: «رافع».

(٩) «الديوان»، ج: «هل أنت رابع».

(١٠) «الديوان»: «وقل إلى أطلال ميّ تحية».