ذكر خبر إبراهيم
  والفجاج؛ فهي تعفّي الآثار وتدفنها. غنّاه إبراهيم الموصليّ ماخوريّا بالوسطى. ومنها(١):
  صوت
  أمنزلتي ميّ سلام عليكما ... هل الأزمن اللائي مضين رواجع!
  وهل يرجع التّسليم أو يكشف العمى ... ثلاث الأثافي والدّيار البلاقع!(٢)
  توهمتها يوما فقلت لصاحبي ... وليس لها إلَّا الظباء الخواضع(٣)
  وموشيّة سحم(٤) الصّياصي كأنها ... مجلَّلة حوّ عليها البراقع
  عروضه من الطويل. غنّاه إبراهيم ماخوريّا بالوسطى. والأزمن والأزمان جمع / زمان. والعمى: الجهالة.
  والأثافيّ الثلاث هي الحجارة التي تنصب عليها القدر، واحدتها أثفيّة. والخواضع من الظباء: اللاتي قد طأطأت رؤوسها. والموشيّة: يعني البقر. والصّياصي: القرون واحدتها صيصية. والمجلَّلة: التي كأن عليها جلالا(٥) سودا. والحوّة: حمرة في سواد. ومما يغنّي فيه من هذه القصيدة قوله(٦):
  صوت
  قف العنس(٧) ننظر نظرة في ديارها ... وهل ذاك من داء الصبابة نافع!(٨)
  فقال: أما تغشى لميّة منزلا ... من الأرض إلا قلت: هل أنا رابع!(٩)
  وقلّ لأطلال لميّ تحيّة(١٠) ... تحيّا بها أو أن ترشّ المدامع
  العنس: الناقة. والرابع: المقيم. وقلّ لأطلال، أي ما أقل لهذه الأطلال مما أفعله. وترش المدامع، أي تكثر نضحها الدموع. غناه إبراهيم الموصليّ ماخوريا.
  وذكر ابن الزيات، عن محمد بن صالح العذريّ، عن الحرمازيّ، قال:
  مرّ الفرزدق على ذي الرمة وهو ينشد:
  أمنزلتي ميّ سلام عليكما
  فلمّا فرغ قال له: يا أبا فراس، كيف ترى؟ قال: أراك شاعرا. قال: فما أقعدني عن غاية الشعراء؟ قال:
  بكاؤك على الدّمن، ووصفك القطا وأبوال الإبل.
(١) «ديوانه» ٣٣٢.
(٢) «الديوان»: «الرسوم البلاقع».
(٣) ج: «الخواشع».
(٤) الأسحم: الأسود؛ وجمعه سحم. وأصل الصياصي الحصون والمعاقل؛ ولما كانت البقر تحمي بقرونها سميت قرونها صياصي.
يقول: كأن البقر خيل مجللة. حو: دهم، يعني الخيل.
(٥) ج: «أجلالها».
(٦) «ديوانه» ٣٣٣.
(٧) ب، و «الديوان»: «العيس». والعنس: الناقة الصلبة القوية.
(٨) أ: «رافع».
(٩) «الديوان»، ج: «هل أنت رابع».
(١٠) «الديوان»: «وقل إلى أطلال ميّ تحية».