كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار والبة بن الحباب

صفحة 327 - الجزء 18

  /

  أتانا من بلاد الرّو ... م معتجرا⁣(⁣١) على قتب

  خفيف الحاذ⁣(⁣٢) كالصّمصا ... م أطلس غير ذي نشب

  أوالب ما دهاك وأن ... ت في الأعراب ذو نسب

  أراك ولدت بالمرّي ... خ يا بن سبائك الذهب

  فجئت أقيشر الخدّي ... ن أزرق عارم الذّنب

  لقد أخطأت في شتمي ... فخبّرني ألم أصب

  وقال في والبة أيضا:

  نطقت بنو أسد ولم تجهر ... وتكلَّمت خفيا⁣(⁣٣) ولم تظهر

  وأما وربّ البيت لو نطقت ... لتركتها وصباحها أغبر

  أيروم شتمي منهم رجل ... في وجهه عبر لمن فكَّر

  وابن الحباب صليبة زعموا ... ومن المحال صليبة أشقر

  / ما بال من آباؤه عرب الأل ... وان يحسب من بني قيصر

  أترون أهل البدو قد مسخوا ... شقرا أما هذا من المنكر

  وقال: وأول هذه القصيدة:

  صرّح بما قد قلته واجهر ... لابن الحباب وقل ولا تحصر

  ما لي رأيت أباك أسود غر ... بيب القذال كأنه زرزر⁣(⁣٤)

  وكأنّ وجهك حمرة رئة ... وكأنّ رأسك طائر أصفر

  / قال: وبلغ الشعر والبة، فجاء إلى أبي فقال: قد كلمتني في أبي العتاهية، وقد رغبت في الصّلح، قال له أبي:

  هيهات إنه قد أكَّد عليّ إن لم تقبل⁣(⁣٥) ما طلب أن أخلَّي بينك وبينه، وقد فعلت، فقال له والبة: فما الرأي عندك؟ فإنه فضحني⁣(⁣٦)، قال: تنحدر إلى الكوفة، فركب زورقا ومضى من بغداد إلى الكوفة، وأجود ما قاله والبة في أبي العتاهية قوله:

  كان فينا يكنى أبا إسحاق ... وبها الرّكب سار في الآفاق

  فتكنّى معتوهنا بعتاه ... يا لها كنية أتت باتفاق

  خلق اللَّه لحية لك لا تن ... فكّ معقودة لدى الحلَّاق

  وله فيه، وهو ضعيف سخيف من شعره:

  قل لابن بائعة القصار⁣(⁣٧) ... وابن الدّوارق والجرار


(١) معتجرا: معتما.

(٢) الحاذ: الظهر. وخفيف الحاذ: قليل المال. وفي ف: خفيف الحال.

(٣) في ف: تكلمت حينا.

(٤) الغربيب: الأسود. والقذال: جماع مؤخر الرأس، أو: ما بين نقرة القفا إلى الأذن. والزرزر: طائر من نوع العصفور؛ سمي بذلك لزرزرته، أي تصويته، وفي هب: «زوزر».

(٥) في ب، س، بيروت: «ألَّا يقبل ما طلب وأن أخلي».

(٦) في ب: فقال له والبة: فما الرأي عندك؟ فقال: «فضحني»، تحريف.

(٧) في ف، بيروت: التغار بدل القصار. والتغار: الإجانة.