أخبار والبة بن الحباب
  هذا النائم إلى جانبك؟ قال: لا، قال: هذا أشعر منك وأشعر من الجنّ والإنس، أما واللَّه لأفتننّ بشعره الثّقلين ولأغرينّ به أهل المشرق والمغرب، قال: فعلمت أنّه إبليس، فقلت له: فما عندك؟ قال: عصيت ربّي في سجدة فأهلكني، ولو أمرني أن أسجد له ألفا لسجدت.
  حكم الوادي يغني شعر والبة
  أخبرني الحسين(١) بن يحيى قال: حدثنا حمّاد بن إسحاق، قال:
  قرأت على أبي عن أبيه أنّ حكم الوادي أخبره أنّه دخل على محمّد بن العبّاس يوما بالبصرة وهو يتململ خمارا، وبيده كأس وهو يجتهد في شربها فلا يطيقه، وندماؤه بين يديه في أيديهم أقداحهم، وكان يوم نيروز(٢)، فقال لي: يا حكم غنّني فإن أطربتني فلك كلّ ما أهدي إليّ اليوم(٣) قال: وبين يديه من الهدايا أمر عظيم، فاندفعت أغنّي في شعر والبة بن الحباب:
  صوت
  قد قابلتنا الكؤوس ... ودابرتنا النّحوس(٤)
  / واليوم هرمزروز(٥) ... قد عظَّمته المجوس
  لم نخطه في حساب ... وذاك ممّا نسوس
  فطرب واستعاده، فأعدته ثلاث مرّات، فشمّرت قدحه(٦) واستمرّ في شربه، وأمر بحمل كل ما كان بين يديه إليّ، فكانت قيمته ثلاثين ألف درهم.
  لحن حكم الوادي في هذا الشعر هزج بالبنصر عن الهشاميّ وإبراهيم وغيرهما.
  صوت
  لقد زاد الحياة إليّ حبّا ... بناتي إنّهنّ من الضّعاف
  مخافة أن يذقن البؤس بعدي ... وأن يشربن رنقا بعد صاف
  وأن يرين إن كسي الجواري ... فيبدي الصّرّ عن هزل عجاف(٧)
  ولولاهنّ قد سوّمت مهري ... وفي الرّحمان للضّعفاء كاف
  الشعر لعمران بن حطان فيما ذكر أبو عمرو الشّيبانيّ، وذكر المدائنيّ أنّه لعيسى الحبطيّ، وكلاهما من الشّراة، والغناء لمحمّد بن الأشعث الكوفيّ، خفيف رمل بالوسطى من رواية عمرو بن بانة.
(١) في ب، ما: الحسن.
(٢) النيروز عند الفرس: أول يوم من أيام السنة الشمسية.
(٣) في ب: «فلك كل ما يهدي إلى اليوم».
(٤) ف: وأدبرتنا.
(٥) في ب، س: «واليوم هو نيروز».
(٦) شعرت: خففت بالماء. وفي ب، بيروت، هب: «فشرب».
(٧) في ب، ف: «كوم عجاف». چ وفي هب، بيروت: «كرم عجاف».