كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عمران بن حطان ونسبه

صفحة 331 - الجزء 18

  طلبه الحجاج فهرب منه إلى الشام

  وأخبرني بخبره في هربه من الحجاج عمر بن عبد اللَّه بن جميل العتكيّ، ومحمد بن العباس اليزيديّ، قالا:

  حدثنا الرّياشيّ، قال: حدثنا الحكم بن مروان، قال: حدثنا الهيثم بن عديّ قال:

  طلب الحجّاج عمران بن حطَّان السّدوسيّ، وكان من قعدة الخوارج، فكتب فيه إلى عمّاله وإلى عبد الملك.

  وأخبرني بهذا الخبر أيضا الحسن بن عليّ الخفّاف، ومحمد بن عمران الصيرفيّ، قالا: حدثنا العنزيّ، قال:

  حدّثنا محمد بن عبد الرحمن بن عبد الصّمد الدّارع، قال: حدّثنا أبو عبيدة معمر بن المثنّى، عن أخيه يزيد بن المثنّى: أن عمران بن حطَّان خرج هاربا من الحجاج، فطلبه، وكتب فيه إلى عمّاله وإلى عبد الملك، فهرب ولم يزل يتنقّل في أحياء العرب، وقال في ذلك:

  حللنا في بني كعب بن عمرو ... وفي رعل⁣(⁣١) وعامر عوثبان

  وفي جرم وفي عمرو بن مرّ ... وفي زيد وحيّ بني الغدان

  عمران وروح بن زنباع

  ثم لحق بالشأم فنزل بروح بن زنباع الجذاميّ، فقال له روح: ممّن أنت؟ قال: من الأزد، أزد السّراة⁣(⁣٢)، قال: وكان روح يسمر عند عبد الملك فقال له ليلة: يا أمير المؤمنين إنّ في أضيافنا رجلا ما سمعت منك حديثا قط إلَّا حدّثني به وزاد فيما / ليس عندي قال: ممّن هو؟ قال: من الأزد، قال: إني لأسمعك تصف صفة عمران بن حطَّان؛ لأنني سمعتك تذكر لغة نزاريّة⁣(⁣٣) وصلاة وزهدا ورواية وحفظا، وهذه صفته، فقال روح: وما أنا وعمران! ثم دعا بكتاب / الحجاج فإذا فيه:

  أما بعد، فإنّ رجلا من أهل الشّقاق والنّفاق، قد كان أفسد عليّ أهل العراق وحبّبهم بالشّراية⁣(⁣٤)، ثم إني طلبته، فلما ضاق عليه عملي تحوّل إلى الشام، فهو ينتقل في مدائنها، وهو رجل ضرب⁣(⁣٥) طوال أفوه أروق⁣(⁣٦)، قال: قال روح: هذه واللَّه صفة الرجل الذي عندي. ثم أنشد عبد الملك يوما قول عمران يمدح عبد الرحمن بن ملجم - لعنه اللَّه - بقتله عليّ بن أبي طالب، ~:

  يا ضربة من كريم ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

  إني لأفكر فيه ثم أحسبه ... أوفى البريّة عند اللَّه ميزانا

  ثم قال عبد الملك: من يعرف منك قائلها؟ فسكت القوم جميعا، فقال لروح: سل ضيفك عن قائلها، قال:

  نعم أنا سائله⁣(⁣٧)، وما أراه يخفى على ضيفي ولا سألته عن شيء قطَّ فلم أجده إلَّا عالما به. وراح روح إلى


(١) في «المختار»: عك. وفي ف: عتك، تحريف، ورعل: قبيلة من سليم.

(٢) في ب، هب، ف: الشراة. وفي «المختار» أزد شنوءة.

(٣) في ف، «المختار»، «التجريد»: فزارية.

(٤) في هب، «المختار» وحببهم بالشراة.

(٥) الضرب: الخفيف اللحم.

(٦) الأروق: الطويل الأسنان. وفي ب، هب، بيروت: «أزرق».

(٧) في ب: «أنا سائلهم».