كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عمرو بن قميئة ونسبه

صفحة 351 - الجزء 18

  وأهلكني تأميل يوم وليلة ... وتأميل عام بعد ذاك وعام

  فقلت: لست كذلك يا أمير المؤمنين، ولكنّك⁣(⁣١) كما قال لبيد:

  قامت تشكَّى إليّ الموت مجهشة ... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا

  فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا ... وفي الثّلاث وفاء للثّمانينا

  ((⁣٢) فعاش حتى بلغ التّسعين، فقال:

  كأني وقد جاوزت تسعين حجّة ... خلعت بها عن منكبيّ ردائيا

  فعاش حتى بلغ عشرا ومائة سنة، فقال:

  أليس في مائة قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشر بعدها عبر⁣(⁣٢))

  فعاش واللَّه حتى بلغ مائة وعشرين سنة، فقال:

  وغنيت سبتا قبل مجرى داحس⁣(⁣٣) ... لو كان للنّفس اللجوج خلود

  / ويروى: «دهرا قبل مجرى داحس»، فعاش حتى بلغ مائة وأربعين سنة، فقال:

  ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا النّاس كيف لبيد؟

  فتبسّم عبد الملك وقال: لقد قوّيت من نفسي بقولك يا عامر، وإنّي لأجد خفّا⁣(⁣٤) وما بي من بأس وأمر لي بصلة، وقال لي: اجلس يا شعبيّ فحدّثني ما بينك وبين الليل، فجلست فحدثته حتى أمسيت، وخرجت من عنده، فما أصبحت حتى سمعت الواعية⁣(⁣٥) في داره.

  خروجه مع امرئ القيس إلى قيصر

  أخبرني عمّي قال: حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن طهمان السّلمي، عن إسحاق بن مرار الشّيبانيّ، قال:

  نزل امرؤ القيس بن حجر ببكر بن وائل، وضرب قبّته، وجلس إليه وجوه بكر بن وائل، فقال لهم: هل فيكم أحد يقول الشّعر؟ فقالوا: ما فينا / شاعر إلا شيخ قد خلا من عمره وكبر، قال: فأتوني به، فأتوه بعمرو بن قميئة وهو شيخ، فأنشده فأعجب به، فخرج به معه إلى قيصر، وإيّاه عنى امرؤ القيس بقوله:

  بكى صاحبي لمّا رأى الدّرب دونه ... وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا

  فقلت له: لا تبك عينك إنّما ... نحاول ملكا أو نموت فنعذرا

  وقال مؤرّج في هذا الخبر: إنّ امرأ القيس قال لعمرو بن قميئة في سفره: ألا تركب إلى الصّيد؟ فقال عمرو:


(١) في ب: وهذا.

(٢ - ٢) التكملة من ف، هب، وهي ساقطة من ب.

(٣) في ف: «وصلت سنينا بعد مجرى داحس».

(٤) في ب: «لا أجد خفا».

(٥) الواعية: الصراخ.