أخبار عمرو بن قميئة ونسبه
  وأهلكني تأميل يوم وليلة ... وتأميل عام بعد ذاك وعام
  فقلت: لست كذلك يا أمير المؤمنين، ولكنّك(١) كما قال لبيد:
  قامت تشكَّى إليّ الموت مجهشة ... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا
  فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا ... وفي الثّلاث وفاء للثّمانينا
  ((٢) فعاش حتى بلغ التّسعين، فقال:
  كأني وقد جاوزت تسعين حجّة ... خلعت بها عن منكبيّ ردائيا
  فعاش حتى بلغ عشرا ومائة سنة، فقال:
  أليس في مائة قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشر بعدها عبر(٢))
  فعاش واللَّه حتى بلغ مائة وعشرين سنة، فقال:
  وغنيت سبتا قبل مجرى داحس(٣) ... لو كان للنّفس اللجوج خلود
  / ويروى: «دهرا قبل مجرى داحس»، فعاش حتى بلغ مائة وأربعين سنة، فقال:
  ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا النّاس كيف لبيد؟
  فتبسّم عبد الملك وقال: لقد قوّيت من نفسي بقولك يا عامر، وإنّي لأجد خفّا(٤) وما بي من بأس وأمر لي بصلة، وقال لي: اجلس يا شعبيّ فحدّثني ما بينك وبين الليل، فجلست فحدثته حتى أمسيت، وخرجت من عنده، فما أصبحت حتى سمعت الواعية(٥) في داره.
  خروجه مع امرئ القيس إلى قيصر
  أخبرني عمّي قال: حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن طهمان السّلمي، عن إسحاق بن مرار الشّيبانيّ، قال:
  نزل امرؤ القيس بن حجر ببكر بن وائل، وضرب قبّته، وجلس إليه وجوه بكر بن وائل، فقال لهم: هل فيكم أحد يقول الشّعر؟ فقالوا: ما فينا / شاعر إلا شيخ قد خلا من عمره وكبر، قال: فأتوني به، فأتوه بعمرو بن قميئة وهو شيخ، فأنشده فأعجب به، فخرج به معه إلى قيصر، وإيّاه عنى امرؤ القيس بقوله:
  بكى صاحبي لمّا رأى الدّرب دونه ... وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا
  فقلت له: لا تبك عينك إنّما ... نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
  وقال مؤرّج في هذا الخبر: إنّ امرأ القيس قال لعمرو بن قميئة في سفره: ألا تركب إلى الصّيد؟ فقال عمرو:
(١) في ب: وهذا.
(٢ - ٢) التكملة من ف، هب، وهي ساقطة من ب.
(٣) في ف: «وصلت سنينا بعد مجرى داحس».
(٤) في ب: «لا أجد خفا».
(٥) الواعية: الصراخ.