أخبار سعيد بن حميد ونسبه
  غضبت عليه فضل الشاعرة فكتب إليها فراجعت وصله
  أخبرني جحظة قال: حدثني ميمون بن هارون، قال:
  غضبت فضل الشاعرة على سعيد بن حميد فكتب إليها:
  يأيّها الظالم ما لي ولك ... أهكذ تهجر من واصلك!
  لا تصرف الرّحمة عن أهلها ... قد يعطف المولى على من ملك
  ظلمت نفسا فيك علقتها ... فدار بالظَّلم عليّ الفلك(١)
  تبارك اللَّه فما أعلم اللَّه ... بما ألقى وما أغفلك!
  فراجعت وصله، وصارت إليه جوابا للرقعة.
  في هذه الأبيات لعريب ثاني ثقيل وهزج، عن ابن المعتز، وأخبرني ذكاء وجه الرّزة أنّ الثقيل الثاني لأحمد بن أبي العلاء.
  فضل الشاعرة تشكو شدة شوقها إليه فيكتب إليها
  أخبرني الطوسي الطَّلحيّ(٢) قال: حدّثنا محمد بن السّريّ: أنّ سعيد بن حميد كان في مجلس الحسن بن مخلَّد، إذ جاءه الغلام برقعة فضل الشاعرة تشكو فيها شدّة / شوقها، فقرأها وضحك، - فقال له الحسن بن مخلَّد:
  بحياتي عليك أقرئنيها، فدفعها إليه فقرأها وضحك وقال له: قد وحياتي ملَّحت فأجب، فكتب إليها:
  يا واصف الشوق عندي من شواهده ... قلب يهيم وعين دمعها يكف
  / والنّفس شاهدة بالودّ عارفة ... وأنفس الناس بالأهواء تأتلف
  فكن على ثقة منّي وبيّنة ... إنّي على ثقة من كل ما تصف
  عدلت فضل عنه إلى بنان بن عمرو فقال فيها شعرا
  أخبرني جحظة قال: حدّثني ميمون بن هارون قال:
  لما عشقت فضل الشاعرة بنان بن عمرو(٣) المغني، وعدلت عن سعيد بن حميد إليه أسف عليها وأظهر تجلَّدا، ثم قال فيها:
  قالوا: تعزّ وقد بانوا فقلت لهم: ... بان العزاء على آثار من بانا
  وكيف يملك سلوانا لحبّهم ... من لم يطق للهوى سترا وكتمانا!
  كانت عزائم صبري أستعين بها ... صارت عليّ بحمد اللَّه أعوانا
  لا خير في الحبّ لا تبدو شواكله ... ولا ترى منه في العينين عنوانا
  قال أبو الحسن جحظة(٤): وغنّى فيه بعض المحدثين لحنا حسنا، وأظنه عنى نفسه.
(١) ف: عليها الفلك.
(٢) أ، ب، س: «أخبرني الطلحي».
(٣) ف، بيروت: بنان بن عمرون.
(٤) أ، ب، س: «قال أبو الحسن: وغنى».