كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار سعيد بن حميد ونسبه

صفحة 366 - الجزء 18

  كتب إلى أبي هفان يتبرأ من طعن فيه نسب إليه ظلما

  أخبرني الطَّلحيّ قال: حدثني أبو عيسى الكاتب: أن أبا هفّان بلغه عن سعيد بن حميد كلام فيه جفاء وطعن على شعره، فتوعده بالهجاء، وكان الحاكي عن ذلك كاذبا، فبلغ سعيدا ما جرى، فكتب إلى أبي هفّان:

  أمسى يخوّفني العبديّ صولته⁣(⁣١) ... وكيف آمن بأس الضّيغم الهصر!

  من ليس يحرزني من سيفه أجلي ... وليس يمنعني من كيده حذري

  / ولا أبارزه بالأمر يكرهه ... ولو أعنت بأنصار من الغير

  له سهام بلا ريش ولا عقب ... وقوسه أبدا عطل من الوتر

  وكيف آمن من نحري له غرض ... وسهمه صائب يخفى عن البصر⁣(⁣٢)!

  عاتبته فضل الشاعرة فزارها وقال فيها شعرا

  أخبرني الطَّلحيّ قال: حدّثني محمد بن السّريّ: أنّه سار إلى سعيد بن حميد وهو في دار الحسن بن مخلَّد في حاجة له، قال: فإني عنده إذ جاءته رقعة فضل الشاعرة، وفيها هذان البيتان:

  صوت

  الصبر ينقص والسّقام يزيد ... والدّار دانية وأنت بعيد

  أشكوك أم أشكو إليك فإنه ... لا يستطيع سواهما المجهود

  أنا يا أبا عثمان في حال التّلف ولم تعدني، ولا سألت عن خبري.

  فأخذ بيدي فمضينا إليها، فسأل عن خبرها، فقالت: هو ذا أموت وتستريح مني، فأنشأ يقول:

  لا متّ قبلي⁣(⁣٣) بل أحيا وأنت معا ... ولا أعيش إلى يوم تموتينا

  لكن نعيش بما نهوى وتأمله ... ويرغم اللَّه فينا أنف واشينا⁣(⁣٤)

  حتى إذا قدّر الرحمن ميتتنا ... وحان من أمرنا ما ليس يعدونا

  متنا جميعا كغصنى بانة ذبلا ... من بعد ما نضرا واستوسقا حينا

  ثمّ السّلام علينا في مضاجعنا ... حتى نعود إلى ميزان منشينا

  / أخبرني إبراهيم بن القاسم بن زرزور⁣(⁣٥) قال: قال لي أبي:

  كانت فضل الشّاعرة تتعشق / سعيد بن حميد مدّة طويلة، ثم تعشقت بنانا، وعدلت عنه، فقال فيها قصيدته الدّالية التي يقول فيها:


(١) في ب: بصولته.

(٢) لم يرد هذا البيت في ف.

(٣) في ف: لا مت قبلك.

(٤) ف: شانينا.

(٥) ب، س، أ: «ززور»، وفي ف: «زرزر».