كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن مناذر ونسبه

صفحة 370 - الجزء 18

  كان سفيان بن عيينة يسأله عن معاني حديث النبي فيخبره بها

  وكان يجالس سفيان بن عيينة، فيسأله سفيان عن معاني حديث النبي فيخبره بها، ويقول له: كذا وكذا مأخوذ من كذا، فيقول سفيان: كلام العرب بعضه يأخذ برقاب بعض. قال: وأدرك المهديّ / ومدحه، ومات في أيام المأمون.

  أخبرني عليّ بن سليمان، قال: حدّثني محمد بن يزيد وغيره: أنّ محمّد بن مناذر كان إذا قيل له: ابن مناذر - بفتح الميم - يغضب، ثم يقول: أمناذر الصّغرى أم مناذر الكبرى؟ وهما كورتان من كور الأهوار، إنما هو مناذر على وزن مفاعل من ناذر فهو مناذر، مثل ضارب فهو مضارب، وقاتل فهو مقاتل.

  وعظته المعتزلة فلم يتعظ، ومنعوه دخول المسجد فنابذهم وهجاهم

  قال محمد بن يزيد: ولما عدل محمد بن مناذر عما كان عليه من النّسك والتّألَّه وعظته المعتزلة فلم يتّعظ، وأوعدته بالمكروه فلم يزدجر، ومنعوه دخول المسجد فنابذهم / وطعن عليهم وهجاهم، وكان يأخذ المداد بالليل فيطرحه في مطاهرهم، فإذا توضّئوا به سوّد وجوههم وثيابهم، وقال في توعد المعتزلة إيّاه:

  أبلغ لديك بني تميم مألكا⁣(⁣١) ... عنّي وعرّج في بني يربوع

  أنّي أخ لكم بدار مضيعة ... بوم وغربان عليه وقوع⁣(⁣٢)

  يا للقبائل من تميم ما لكم ... روبى⁣(⁣٣) ولحم أخيكم بمصيع

  هبّوا له فلقد أراه بنصركم ... يأوي إلى جبل أشمّ منيع

  وإذا تحزّبت القبائل كنتم ... ثقتي لكلّ ملمّة وفظيع⁣(⁣٤)

  إن أنتم لم تثأروا لأخيكم⁣(⁣٥) ... حتى يباء بوتره المتبوع

  فخذوا المغازل بالأكفّ وأيقنوا ... ما عشتم بمذلَّة وخضوع

  إن كنتم حدبا⁣(⁣٦) على أحسابكم ... سمعا فقد أسمعت كلّ سميع

  أين الصّبيريّون⁣(⁣٧) لم أر مثلهم ... في النائبات وأين رهط وكيع!

  قال: ثم استحيا من قوله: أين الصّبيريّون؟ لقلَّة عددهم فقال: أين الرّياحيّون؟.

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدّثني الحسن بن عليّ، قال:

  حدّثني مسعود بن بشر، قال:

  قال لي ابن مناذر: ولع بي قوم من المعتزلة ففرقت منهم، قال: وكان مولى صبير بن يربوع، فقلت: بنو صبير


(١) المألك: الرسالة.

(٢) في البيت إقواء.

(٣) قوم روبى: خاثر والأنفس مختلطون.

(٤) ب، س، و «معجم الأدباء» ١٩ - ٥٩: صلتم بدل كنتم. وبفتى بدل ثقتي.

(٥) ب، س، و «معجم الأدباء» ١٩ - ٥٩: «لم توتروا». ومعنى توتروا: تفزعوا وتأخذوا له ونره.

(٦) في ب، س، و «معجم الأدباء» ١٩ - ٥٩: «حربا».

(٧) في «معجم الأدباء» ١٩ - ٥٩: «أين الرياحيون ...».