أخبار ابن مناذر ونسبه
  فيه، فلما بعد عنا، قلت لابن مناذر: برئ اللَّه منك، ويلك ما أكذبك! أكلّ من يعرف بكر بن بكَّار(١) يقول فيه مثل قولك حتى حلفت بهذه اليمين؟ فقال: سخنت عينك، فإذا كنت أعمى القلب أيّ شيء أصنع! أفتراني كنت أكذّب نفسي عند القاضي، إنما موّهت عليه وحلفت له أن كلّ من يعرفها يقول مثل قولي، وعنيت ما ابتدأت به من الشعر وهو قولي:
  أعوذ باللَّه من النّار
  أفتعرف أنت أحدا يعرفهما أو يجهلهما إلَّا يقول كما قلت: أعوذ باللَّه من النار، إنما موّهت على القاضي وأردت تحقيق قولي عنده.
  / قال مؤلف هذا الكتاب: وبكر بن بكَّار رجل محدّث، قد روى عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح تفسير مجاهد، وروى حديثا صالحا.
  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ، قال: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدّثنا بكر بن بكَّار عن عبد اللَّه بن المحرز، عن قتادة، عن أنس: أن النبيّ ﷺ قال: «زيّنوا القرآن بأصواتكم».
  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا ابن مهرويه، قال: حدّثني الأحوص بن الفضل البصريّ(٢)، قال:
  حدّثنا ابن معاوية الزّياديّ، وأبوه الخشنشار الذي يقول فيه ابن مناذر:
  تطرح حبّا للخشنشار
  قال: حدثني من لقي ابن مناذر بمكَّة فقال: ألا تشتاق إلى البصرة؟ فقال له:
  أخبرني عن شمس الوزّانين، أعّى حالها؟ قال: نعم، قال: وثيق بن يوسف الثّقفيّ حيّ؟ قال: نعم، قال:
  فغسّان بن الفضل(٣) الغلَّابيّ حيّ؟ قال: نعم، قال: لا، واللَّه لا دخلتها ما بقي فيها واحد من الثّلاثة. قال: وشمس الوزّانين في طرف المربد بحضرة مسجد الأنصار في موضع حيطانه قصار لا تكاد الشّمس تفارقه.
  كان محمد بن عبد الوهاب أخو عبد المجيد يعاديه
  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ قال: حدّثنا عمر بن شبّة، قال:
  كان محمّد بن عبد الوهاب الثّقفيّ أخو عبد المجيد يعادي محمد بن مناذر بسبب ميله إلى أخيه عبد المجيد، وكان ابن مناذر يهجوه ويسبّه ويقطعه، وكلّ واحد منهما يطلب لصاحبه المكروه ويسعى عليه، فلقي محمد بن عبد الوهاب ابن مناذر في مسجد البصرة، ومعه دفتر فيه كتاب العروض بدوائره، ولم يكن محمّد بن عبد الوهاب يعرف العروض، فجعل يلحظ الكتاب ويقرؤه فلا يفهمه، وابن مناذر / متغافل عن فعله، ثم قال له: ما في كتابك هذا؟ فخبأه في كمّه وقال: وأيّ شيء عليك ممّا فيه؟ فتعلَّق به ولبّبه، فقال له ابن مناذر: يا أبا الصّلت، اللَّه اللَّه في دمي، فطمع فيه وصاح يا زنديق، في كمّك الزّندقة، فاجتمع النّاس إليه، فأخرج الدّفتر من كمّه وأراهم(٤) إيّاه،
(١) في ب: بكر بن وائل.
(٢) في هب: المفضل النصري. وفي ب: المفضل.
(٣) ف: «المفضل».
(٤) في ب: وأراه.