نسب أشجع وأخباره
  وأبدع إذا ما قلت في الفضل مدحة ... كما الفضل في بذل المواهب يبدع
  إذا ما حياض المجد قلَّت مياهها ... فحوض أبي العبّاس بالجود مترع
  وإن سنة ضنّت بخصب على الورى ... ففي جوده مرعى خصيب ومشرع
  وما بعدت أرض بها الفضل نازل ... ولا خاب من في نائل الفضل يطمع
  فنعم المنادى الفضل عند ملمّة(١) ... لدفع خطوب مثلها ليس يدفع
  / إليك أبا العبّاس سارت نجائب ... لها همم تسمو إليك وتنزع
  بذكرك نحدوها إذا ما تأخّرت ... فتمضي على هول المضيّ وتسرع
  وما للسان المدح دونك مشرع ... ولا للمطايا دون بابك مفزع
  إليك أبا العبّاس أحمل مدحة ... مطيّتها - حتى توافيك - أشجع
  فزعت إلى جدواك فيها وإنما ... إلى مفزع الأملاك يلجا ويفزع
  قال: فأنشدها أشجع الفضل، وحدّثه بالقصّة، فوصل أخاه وجاريته ووصله.
  وقال أحمد بن الحارث: فقيل لأحمد بن عمرو أخي أشجع: ما لك لا تمدح الملوك كما يمدحهم أخوك؟
  فقال: إن أخي بلاء عليّ وإن كان فخرا، لأنّي(٢) لا أمدح أحدا ممّن يرضيه دون شعري ويثيب عليه بالكثير من الثّواب(٣) إلا قال: أين هذا من قول أشجع؟ فقد امتنعت من مدح أحد لذلك.
  أحمد أخو أشجع يهجوه
  قال أحمد بن الحارث: وقال أحمد بن عمرو يهجو أخاه أشجع، وقد كان أحمد مدح محمد بن جميل بشعر قاله فيه، فسأل أخاه أشجع إيصاله، ودفع القصيدة إليه فتوانى عن ذلك، فقال يهجوه - أخبرني بذلك أحمد بن محمد بن جميل -:
  وسائلة لي: ما أشجع؟ ... فقلت: يضر ولا ينفع
  قريب من الشّرّ واع له ... أصمّ عن الخير ما يسمع
  بطيء عن الأمر أحظى به ... إلى كل ما ساءني مسرع
  شرود الوداد على قربه ... يفرّق منه الذي أجمع
  أسبّ بأنّي شقيق له ... فأنفي به أبدا أجدع
  الفضل بن يحيى يطرب لشعر أشجع ويكافئ منشده
  أخبرني جعفر بن قدامة، قال: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، قال:
  دخلت على الفضل بن يحيى وقد بلغ الرشيد إطلاقه يحيى بن عبد اللَّه / بن حسن، وقد كان أمره بقتله / فلم يظهر له أنه بلغه إطلاقه(٤)، فسأله عن خبره: هل قتلته؟ فقال: لا، فقال له: فأين هو؟ قال: أطلقته، قال: ولم؟
(١) ف:
«فنعم المنادى عند كل ملمة»
(٢) ف: «على أني لا أمدح ...».
(٣) ف، بيروت: «من النوال».
(٤) كذا في ف، وفي باقي الأصول: «أنه قتله».