نسب أشجع وأخباره
  علام تسدّ الباب والسّرّ قد فشا ... وقد كنت محجوبا ومالك باب
  فلو كنت ممّن يشرب الخمر سادرا ... إذا لم يكن دوني عليك حجاب
  ولكنّه يمضي لي الحول كاملا ... ومالي إلَّا الأبيضين(١) شراب
  من الماء أو من شخب دهماء ثرّة(٢) ... لها حالب لا يشتكي وحلاب
  مر بقبري الوليد بن عقبة وأبي زبيد الطائي فقال شعرا
  أخبرني أحمد بن جعفر جحظة، قال: حدّثني ميمون بن هارون، قال: حدّثنا عليّ بن الجهم، قال: حدثني ابن أشجع السّلميّ، قال:
  لما مرّ أبي وعمّاي أحمد ويزيد - وقد شربوا حتى انتشوا - بقبر الوليد بن عقبة وإلى جانبه قبر أبي زبيد الطَّائيّ - وكان نصرانيّا - والقبران مختلفان كلّ واحد منهما متوجّه إلى قبلة ملَّته، وكان أبو زبيد أوصى لمّا احتضر أن يدفن إلى جنب / الوليد بالبليخ قال: فوقفوا على القبرين، وجعلوا يتحدّثون بأخبارهما ويتذاكرون أحاديثهما، فأنشأ أبي يقول:
  مررت على عظام أبي زبيد ... وقد لاحت ببلقعة صلود
  وكان له الوليد نديم صدق ... فنادم قبره قبر الوليد
  أنيسا ألفة ذهبت فأمست ... عظامهما تآنس(٣) بالصّعيد
  وما أدري بمن تبدأ المنايا ... بأحمد أو بأشجع أو يزيد
  قال: فماتوا واللَّه كما رتّبهم في الشّعر، أولهم أحمد، ثم أشجع، ثم يزيد.
  صوت
  حيّ ذا الزّور وانهه أن يعودا ... إنّ بالباب حارسين قعودا
  من أساوير ما ينون(٤) قياما ... وخلاخيل تذهل المولودا
  لا ذعرت السّوام في فلق الصّبح مغيرا ولا دعيت يزيدا
  يوم أعطي مخافة الموت ضيما(٥) ... والمنايا يرصدنني أن أحيدا
  الشّعر ليزيد بن ربيعة بن مفرّغ الحميريّ، والغناء لسياط خفيف رمل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر عن إسحاق، وذكر أحمد بن المكيّ أنه لأبيه يحيى، وذكر الهشاميّ أنّه لفليح. قال: ومن هذا الصوت سرق لحن:
  تلك عرسي تلومني في التّصابي
(١) الأبيضان: اللبن والماء.
(٢) الثرة: الغزيرة. وشخب اللبن: حلبه. والدهماء: الخالصة الحمرة.
(٣) في ف: «تأنس».
(٤) ب:
«ماكثات قياما»
(٥) «التجريد»:
«يوم أعطى مخافة الموت ظلما»
وفي «الشعر والشعراء»:
«يوم أعطى من المخافة ضيما»