كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن مفرغ ونسبه

صفحة 426 - الجزء 18

  شمس بن وائل بن الغوث بن الهميسع بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

  أخبرني بخبره جماعة من مشايخنا، منهم أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، عن عمر بن شبّة ومحمد بن خلف بن المرزبان، عن جماعة من أصحابه، وأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، عن عليّ بن محمد النّوفليّ، عن أبيه، فما اتّفقت رواياتهم من خبره جمعتها في ذكره، وما اختلفت أفردت كلّ منفرد منهم بروايته.

  سفره مع عباد بن زياد ووصية سعيد بن عثمان

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد، قال: حدّثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة، عن مسلمة بن محارب، وأخبرني الجوهريّ، قال: حدّثنا عمر بن شبّة، وأخبرنا محمد بن العبّاس اليزيديّ، قال: قرأت على محمد بن الحسن بن دريد⁣(⁣١) عن ابن الأعرابيّ، وأخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدّثنا أحمد بن الهيثم قال: حدثنا العمريّ، عن لقيظ بن بكير، قالوا جميعا:

  / لمّا ولي سعيد بن عثمان بن عفان خراسان، استصحب يزيد بن ربيعة بن مفرّغ، واجتهد به أن يصحبه، فأبى عليه وصحب عبّاد بن زياد، فقال له سعيد بن عثمان: أما إذ أبيت أن تصحبني وآثرت عبّادا فاحفظ ما أوصيك به، إن عبّادا رجل لئيم، فإيّاك والدّالَّة⁣(⁣٢) عليه، وإن دعاك إليها من نفسه فإنها خدعة منه لك عن نفسك، وأقلل زيارته، فإنّه طرف⁣(⁣٣) ملول، ولا تفاخره وإن فاخرك، فإنّه لا يحتمل لك ما كنت أحتمله. ثمّ دعا سعيد بمال فدفعه إلى ابن مفرّغ، وقال: استعن به على سفرك، فإن صلح لك مكانك من عبّاد وإلا فمكانك عندي ممهّد فائتني، ثم سار سعيد إلى خراسان، وتخلَّف ابن مفرّغ عنه، وخرج مع عبّاد.

  قال ابن دريد في خبره، / عن مسلمة⁣(⁣٤) بن محارب:

  فلما بلغ عبيد اللَّه بن زياد صحبة ابن مفرّغ أخاه عبّادا شق عليه، فلما سار أخوه عبّاد شيّعه وشيّع الناس معه، وجعلوا يودّعونه ويودّع الخارجون مع عبّاد عبيد اللَّه بن زياد، فلما أراد عبيد اللَّه أن يودع أخاه دعا ابن مفرّغ، فقال له:

  إنك سألت عبّادا أن تصحبه وأجابك إلى ذلك، وقد شقّ عليّ، فقال له ابن مفرّغ: ولم أصلحك اللَّه؟ قال:

  لأن الشاعر لا يقنعه من الناس ما يقنع بعضهم من بعض؛ لأنه يظن فيجعل الظنّ يقينا، ولا يعذر في موضع العذر، وإن عبّادا يقدم على أرض حرب فيشتغل بحروبه وخراجه عنك، فلا تعذره أنت، وتكسبنا شرّا وعارا، فقال له:

  / لست كما ظنّ الأمير، وإنّ لمعروفه عندي لشكرا كثيرا، وإنّ عندي - إن أغفل أمري - عذرا ممهّدا، قال:

  لا، ولكن تضمن لي إن أبطأ عنك ما تحبّه إلَّا تعجل عليه حتى تكتب إليّ، قال: نعم، قال: امض إذا على الطائر الميمون. قال: فقدم عبّاد خراسان، واشتغل بحربه وخراجه، فاستبطأه ابن مفرّغ ولم يكتب إلى عبيد اللَّه بن زياد يشكوه كما ضمن له، ولكنه بسط لسانه فذمّه وهجاه.

  يهجو عبادا ببيت من الشعر

  وكان عبّاد عظيم اللَّحية كأنها جوالق، فسار يزيد بن مفرّغ يوما مع عبّاد، فدخلت الريح فنفشتها، فضحك


(١) ف: «محمد بن الحسن الأحون».

(٢) ب: «الدلالة».

(٣) الطرف: من لا يثبت على صاحب.

(٤) ف: «عن مسلم بن محارب».