كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عروة بن أذينة ونسبه

صفحة 476 - الجزء 18

  فقال لي الوليد: أعد يا صام⁣(⁣١)، ففعلت، فقال لي: من يقول هذا الشّعر؟ قلت: عروة⁣(⁣٢) بن أذينة يرثي أخاه بكرا. فقال لي: وأيّ العيش لا يصفو بعده هذا العيش واللَّه الذي نحن فيه على رغم أنفه، واللَّه لقد تحجّر واسعا⁣(⁣٣).

  لابن سريج في هذه الأبيات ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو وابن المكَّيّ وغيرهما وفيها رمل ينسب إلى ابن عباد الكاتب، وإلى حاجب الحزّور⁣(⁣٤)، وإلى مسكين بن صدقة.

  حدّثنا الأخفش، عن محمد بن يزيد، قال: قال الزّبيري:

  حدّثت أن سكينة بنت الحسين # أنشدت هذا الشعر فقالت: من بكر هذا؟ أليس هو الأسود الدّحداح⁣(⁣٥) الذي كان يمرّ بنا؟ قالوا: نعم، فقالت: لقد طاب كلّ شيء بعده حتى الخبز والزّيت.

  اعترض ابن أبي عتيق على شعره في رثاء أخيه فخاصمه

  وأخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف، قال: حدّثنا أحمد بن سعيد الدّمشقيّ، قال: حدّثنا الزّبير بن بكَّار، قال:

  حدثني عمّي، قال:

  لقي ابن أبي عتيق عروة بن أذينة فأنشده قوله:

  لا بكر لي إذ دعوت بكرا ... ودون بكر ثرى وطين

  / حتى فرغ منها، ثم أنشده:

  سرى همّي وهمّ المرء يسري

  حتى بلغ إلى قوله:

  وأيّ العيش يصلح بعد بكر!

  فقال له ابن أبي عتيق⁣(⁣٦): كلّ العيش واللَّه يصلح بعده حتى الخبز والزيت. فغضب عروة من قوله، وقام عن مجلسه، وحلف ألَّا يكلَّمه أبدا، فماتا متهاجرين.


(١) ف، مج: «يا أصم».

(٢) ف: «عمر بن أذينة».

(٣) تحجر واسعا: ضيّق على نفسه.

(٤) س: «ينسب إلى أبي عباد الكلب، وإلى صاحب الحرون».

(٥) الدحداح: القصير.

(٦) س، مج: «ابن عتيق».