أخبار عروة بن أذينة ونسبه
  فلم أر دارا مثلها غبطة ... وملقى إذا التفّ الحجيج بمجمع
  أقلّ مقيما راضيا بمكانه ... وأكثر جارا ظاعنا لم يودّع
  انظر إليه كيف تقدّمت شهادته علمه وكبا لسانه ببيانه(١)، وهل يغتبط عاقل بمقام لا يرضى به(٢)، ولكن مكره أخوك لا بطل، والعرجيّ كان أوفي بالعهد منهما وأولى بالصّواب، حين تعرّض لها نافرة من منّى، فقال لها عاتبا مستكينا:
  /
  عوجي عليّ فسلَّمي جبر ... فيم الصّدود وأنتم سفر!
  ما نلتقي إلَّا ثلاث منى ... حتى يفرّق بيننا النّفر
  في هذين البيتين غناء قد تقدّمت نسبته في أخبار ابن جامع في أوّل الكتاب(٣).
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء، قال: حدّثنا الزّبير بن بكَّار، قال: حدّثني جعفر بن موسى اللَّهبي، قال:
  كان عبد الملك بن مروان إذا قدم مكَّة أذن للقرشيّين في السّلام عليه، فإذا أراد الخروج لم يأذن لأحد منهم وقال: أكذبنا إذا قول الملحّى - يعني كثيّرا - حيث يقول:
  تفرّق أهواء الحجيج على منى ... وصدّعهم شعب النوى صبح أربع
  وذكر الأبيات الأربعة.
  خالد صامة يغني شعره بين يدي الوليد بن يزيد
  أخبرنا عليّ بن سليمان الأخفش، قال: حدّثنا محمد بن يزيد، قال: حدّث الزبيريّ، عن خالد صامة، وكان أحد المغنّين قال:
  قدمت على الوليد بن يزيد، فدخلت إليه وهو في مجلس ناهيك به، وهو على سرير، وبين يديه معبد ومالك وابن عائشة وأبو كامل، فجعلوا يغنّون، حتى بلغت النّوبة إليّ فغنّيته:
  صوت
  سرى همّي وهمّ المرء يسري ... وغار النّجم إلا قيس فتر(٤)
  / أراقب في المجرّة كلّ نجم ... تعرّض للمجرّة كيف يجري
  لهمّ ما أزال له مديما ... كأنّ القلب أضرم حرّ جمر(٥)
  على بكر أخي ولَّى حميدا ... وأيّ العيش يصفو بعد بكر!
(١) ف: «وكفى لسانه ببيانه».
(٢) ف: «وجعل يغتبط عاقل بمقام ولا يرضى به».
(٣) البيتان في الجزء الأول ص ٤٢٢ (طبع الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر) معزوان للعرجي، وهو يشبب ببجيرة المخزومية زوجة محمد بن هشام وجاء بعدهما بيت ثالث وهو:
الحول بعد الحول يجمعنا ... ما الدهر إلا الحول والهشر
(٤) في «رغبة الآمل» ٢ - ٢٣٨:
«وغار النجم إلا قيد فتر»
وقيس فتر: مقداره.
(٥) ف: «قديما» بدل: «مديما». وفي «رغبة الآمل» ٢ - ٢٣٨:
«كأن القلب سعر حر جمر»