كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن وهيب

صفحة 66 - الجزء 19

  و لكنّني منها خلقت لغيرها ... وما كنت منه فهو عندي⁣(⁣١) محبّب

  ابن أبي فنن وأبو يوسف الكندي يطعنان عليه فيرد عليهما من ينصفه

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدثنا ابن مهرويه، قال: حدثني أحمد بن أبي كامل، قال:

  كنّا في مجلس ومعنا أبو يوسف الكنديّ وأحمد بن أبي فنن، فتذاكرنا شعر محمد بن وهيب فطعن عليه ابن أبي فنن وقال: هو متكلَّف حسود، إذا أنشد شعرا لنفسه قرظه ووصفه في نصف يوم وشكا أنّه مظلوم منحوس الحظَّ وأنّه لا تقصّر به عن مراتب القدماء حال، فإذا أنشد شعر غيره حسده، وإن كان على نبيذ عربد عليه، وإن كان صاحيا عاداه واعتقد فيه كلّ مكروه. فقلت له: كلاكما لي صديق، وما أمتنع من / وصفكما جميعا بالتّقدّم وحسن الشعر، فأخبرني عمّا أسألك عنه إخبار منصف، أو يعدّ متكلَّفا من يقول:

  أبي لي إغضاء الجفون على القذى ... يقيني أن لا عسر إلَّا مفرّج

  ألا ربّما ضاق الفضاء بأهله ... وأمكن من بين الأسنّة مخرج؟

  أو يعدّ متكلَّفا من يقول:

  رأت وضحا من مفرق الرأس راعها ... شريحين مبيضّ به وبهيم؟

  فأمسك ابن أبي فنن، واندفع الكنديّ فقال: كان ابن وهيب ثنويّا. فقلت له: من أين علمت ذاك؟ أكلَّمك على مذهب الثّنويّة قطَّ؟ قال: لا، ولكني استدللت من شعره على مذهبه، فقلت: حيث يقول ماذا؟ فقال: حيث يقول:

  طللان طال عليهما الأمد

  وحيث يقول:

  تفترّ عن سمطين من ذهب

  إلى غير ذلك مما يستعمله في شعره من ذكر الاثنين.

  فشغلني واللَّه الضّحك عن جوابه. وقلت له: يا أبا يوسف، مثلك لا ينبغي أن يتكلَّم فيما لم ينفذ فيه علمه.

  يستنجز محمد بن عبد الملك الزيات حاجته

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار، قال: حدّثني أحمد بن سليمان بن أبي شيخ، عن أبيه، قال:

  سأل محمد بن وهيب محمد بن محمد بن عبد الملك الزّيّات حاجة فأبطأ فيها، فوقف عليه ثم قال له:

  /

  طبع الكريم على وفائه ... وعلى التّفضّل في إخائه

  تغني عنايته الصّديق عن التّعرّض لاقتضائه

  حسب الكريم حياؤه⁣(⁣٢) ... فكل الكريم إلى حيائه⁣(⁣٢)

  فقال له: حسبك فقد بلغت إلى ما أحببت⁣(⁣٣)، والحاجة تسبقك إلى منزلك. ووفى له بذلك.


(١) المختار:

«فهو شيء محبب»

(٢) وفي التجريد:

... حباؤه ..... حبائه «

بدل:

«حياؤه ..... حياته ... «

(٣) ف: «فقد حثثت فأبلغت». وفي التجريد: «قد حنّنت فأبلغت».