مقتل مصعب بن الزبير
  قال الزبير: ويروى هذا الشعر للبعيث اليشكريّ، ومسلم الَّذي عناه هو مسلم بن عمرو الباهلي.
  مقتل مسلم بن عمرو الباهلي
  حدثنا محمد بن العباس اليزيديّ، قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ، قال: حدثنا محمد بن الحكم، عن عوانة، قال:
  كان مسلم بن عمرو الباهليّ على ميسرة إبراهيم بن الأشتر، فطعن وسقط فارتثّ(١)، فلما قتل مصعب أرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية أن يطلب له الأمان من عبد الملك، فأرسل إليه: ما تصنع بالأمان وأنت بالموت؟ قال:
  ليسلم لي مالي ويأمن ولدي. قال: فحمل على سرير فأدخل على عبد الملك بن مروان، فقال عبد الملك لأهل الشام: هذا أكفر الناس لمعروف، ويحك أكفرت معروف يزيد بن معاوية عندك؟ فقال له خالد: تؤمنّه يا أمير المؤمنين، فأمّنه، ثم حمل فلم يبرح الصّحن حتى مات، فقال الشاعر:
  نحن قتلنا ابن الحواريّ مصعبا ... أخا أسد والمذحجيّ اليمانيا
  / حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخراز، عن المدائنيّ، قال:
  قال رجل لعبيد اللَّه بن زياد بن ظبيان: بماذا تحتجّ عند اللَّه ø من قتلك لمصعب؟ قال: إن تركت أحتجّ رجوت أن أكون أخطب من صعصعة بن صوحان.
  مصعب وسكينة بنت الحسين
  وقال مصعب الزبيريّ في خبره: قال الماجشون:
  فلما كان يوم قتل مصعب دخل إلى سكينة بنت الحسين @ فنزع عنه ثيابه، ولبس غلالة(٢) وتوشح بثوب، وأخذ سيفه، فعلمت سكينة أنه لا يريد أن يرجع فصاحت من خلفه: واحزناه(٣) عليك يا مصعب، فالتفت إليها وقد كانت تخفى ما في قلبها منه، أوكلّ هذا لي في قلبك! فقالت: إي واللَّه، وما كنت أخفي أكثر، فقال:
  لو كنت أعلم أن هذا كله لي عندك لكانت لي ولك حال، ثم خرج ولم يرجع.
  قال مصعب: وحدثني مصعب بن عثمان: أن مصعب بن الزبير لما قدمت عليه سكينة أعطى أخاها عليّ بن الحسين $ - وهو كان حملها إليه - أربعين ألف دينار.
  قال مصعب: وحدثني معاوية بن بكر الباهليّ قال:
  قالت سكينة: دخلت على مصعب وأنا أحسن من النار الموقدة. قال: وكانت قد ولدت منه بنتا، فقال لها:
  سميها زبراء، فقالت: بل أسميها باسم بعض أمهاتي، فسمتها الرّباب.
  قال: فحدثني محمد بن سلام، عن شعيب بن صخر، عن أمه سعدة بنت عبد اللَّه بن سالم، قالت:
  لقيت سكينة بنت الحسين بين مكة ومنّى فقالت: قفي يا بنت عبد اللَّه، ثم كشفت عن ابنتها فإذا هي قد أثقلتها
(١) أرتث: حمل من المعركة جريحا وفيه رمق.
(٢) الغلالة: شعار يلبس تحت الثوب وتحت الدرع أيضا.
(٣) ف: «واحرباه عليك يا مصعب».