كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

مقتل مصعب بن الزبير

صفحة 87 - الجزء 19

  قال الزبير: ويروى هذا الشعر للبعيث اليشكريّ، ومسلم الَّذي عناه هو مسلم بن عمرو الباهلي.

  مقتل مسلم بن عمرو الباهلي

  حدثنا محمد بن العباس اليزيديّ، قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ، قال: حدثنا محمد بن الحكم، عن عوانة، قال:

  كان مسلم بن عمرو الباهليّ على ميسرة إبراهيم بن الأشتر، فطعن وسقط فارتثّ⁣(⁣١)، فلما قتل مصعب أرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية أن يطلب له الأمان من عبد الملك، فأرسل إليه: ما تصنع بالأمان وأنت بالموت؟ قال:

  ليسلم لي مالي ويأمن ولدي. قال: فحمل على سرير فأدخل على عبد الملك بن مروان، فقال عبد الملك لأهل الشام: هذا أكفر الناس لمعروف، ويحك أكفرت معروف يزيد بن معاوية عندك؟ فقال له خالد: تؤمنّه يا أمير المؤمنين، فأمّنه، ثم حمل فلم يبرح الصّحن حتى مات، فقال الشاعر:

  نحن قتلنا ابن الحواريّ مصعبا ... أخا أسد والمذحجيّ اليمانيا

  / حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخراز، عن المدائنيّ، قال:

  قال رجل لعبيد اللَّه بن زياد بن ظبيان: بماذا تحتجّ عند اللَّه ø من قتلك لمصعب؟ قال: إن تركت أحتجّ رجوت أن أكون أخطب من صعصعة بن صوحان.

  مصعب وسكينة بنت الحسين

  وقال مصعب الزبيريّ في خبره: قال الماجشون:

  فلما كان يوم قتل مصعب دخل إلى سكينة بنت الحسين @ فنزع عنه ثيابه، ولبس غلالة⁣(⁣٢) وتوشح بثوب، وأخذ سيفه، فعلمت سكينة أنه لا يريد أن يرجع فصاحت من خلفه: واحزناه⁣(⁣٣) عليك يا مصعب، فالتفت إليها وقد كانت تخفى ما في قلبها منه، أوكلّ هذا لي في قلبك! فقالت: إي واللَّه، وما كنت أخفي أكثر، فقال:

  لو كنت أعلم أن هذا كله لي عندك لكانت لي ولك حال، ثم خرج ولم يرجع.

  قال مصعب: وحدثني مصعب بن عثمان: أن مصعب بن الزبير لما قدمت عليه سكينة أعطى أخاها عليّ بن الحسين $ - وهو كان حملها إليه - أربعين ألف دينار.

  قال مصعب: وحدثني معاوية بن بكر الباهليّ قال:

  قالت سكينة: دخلت على مصعب وأنا أحسن من النار الموقدة. قال: وكانت قد ولدت منه بنتا، فقال لها:

  سميها زبراء، فقالت: بل أسميها باسم بعض أمهاتي، فسمتها الرّباب.

  قال: فحدثني محمد بن سلام، عن شعيب بن صخر، عن أمه سعدة بنت عبد اللَّه بن سالم، قالت:

  لقيت سكينة بنت الحسين بين مكة ومنّى فقالت: قفي يا بنت عبد اللَّه، ثم كشفت عن ابنتها فإذا هي قد أثقلتها


(١) أرتث: حمل من المعركة جريحا وفيه رمق.

(٢) الغلالة: شعار يلبس تحت الثوب وتحت الدرع أيضا.

(٣) ف: «واحرباه عليك يا مصعب».